في نبرة بدا فيها الفخر، قالت رها المحرق، أول سعودية تصعد لجبل إيفرست أعلى قمة في العالم: "أنا فتاة من الصحراء، وتمكنت من صعود الجبل الأعلى في العالم". وتروي "رها" ل"إفي" خفايا المغامرة الأكبر التي خاضتها مؤخراً، التي ربما لم يكن الجزء الأصعب فيها هو الصعود لقمة الجبال على ارتفاع ثمانية آلاف و848 متراً، لتصبح من بين السيدات الأوليات في العالم العربي اللاتي يقمن بذلك.
لم يكن الجبل هو التحدي الأكبر أمام "رها" (27 عاماً)، التي استغرقت شهرين في تلك المهمة، وإنما كسر القيود التي تعاني منها المرأة السعودية.
وتقول رها المحرق: "الأصعب من الصعود إلى إيفرست كان إقناع عائلتي بأنني أود فعل ذلك".
وفي البداية، رفض والداها هذه الفكرة، خوفاً على حياتها، وردة فعل المجتمع السعودي المحافظ، وبعد مناقشات طويلة، تمكنت "رها" من إقناع والديها، بعد أن قالت: "إذا كنتم تؤمنون بالله، فسأحقق النجاح". ورغم موافقة الأسرة، لم تسلم "رها" من الانتقادات حتى قبل عودتها إلى السعودية. وانتقدتها بعض وسائل الإعلام لظهورها في صورة على قمة جبل "إيفرست" بدون حجاب.
ولا ترتدي رها المحرق الحجاب؛ لأنها تعيش في الإمارات منذ أن أنهت دراستها الجامعية، وتؤكد: "عادة لا أرتدي الحجاب. إذن لماذا يجب عليَّ ارتداؤه عندما أكون في بلد أجنبي".
ووصل الأمر ببعض الوسائل للقول بأنها ليست سعودية، أو أنها لم تتسلق الجبل، بل صعدت إلى قمته بواسطة طائرة مروحية.
ولهذه الأسباب، فإن الرسالة التي تود رها المحرق نقلها بعد أن أمضت 15 دقيقة على قمة الجبل مفادها أن "السعوديات يجب أن يتحلين بالشجاعة والتفاوض مع أسرهن لتحقيق أحلامهن. لابد على الرجال أن يعوا أن الحصول على حق لا يعني انتهاك ثقافة البلد".
وأشارت رها المحروق إلى أن فكرة صعود جبل "إيفرست" واتتها منذ ثلاث سنوات، عندما كانت تبحث عن مغامرة لكسر الروتين.
وكانت القمة الأعلى التي تتمكن من الصعود إليها جبل كلمنجارو بتنزانيا، الذي يبلغ ارتفاعه خمسة آلاف و895 متراً في رحلة نظمها عمر سمرة، أول مصري يصعد قمة جبل "إيفرست".
ورغم أنها رياضية منذ صغرها، فإن صعود القمة الأعلى في إفريقيا تطلَّب منها شهرين من التدريب والاستعداد.
ومنذ ذلك الحين، أحبت رها المحروق تسلق الجبال، وسعت لتسلق القمم الأعلى في العالم، ولم يتبقَّ لها سوى جبل "مكينلي"، ويبلغ ارتفاعه ستة آلاف و194 متراً، ويقع في ولاية ألاسكا، وجبل "كوسيوسكو" البالغ ارتفاعه ألفين و280 متراً، ويقع في أستراليا.
وبدأ حلمها بصعود قمة "إيفرست" قبل عام، عندما زارت الجبل برفقة تسع سعوديات وتساءلت حينها عن الشعور في القمة، الأمر الذي لم تتمكن من وصفه بعد بلوغ القمة.
وتابعت رها المحروق، التي تسلقت الجبل برفقة 15 متسلقاً: "قلت في نفسي: أنت على القمة الأعلى في العالم. لقد كان شعوراً غريباً".
ولم تكن المهمة سهلة، حيث تعرضت للحمَّى في مناسبات عديدة، كما أنها رأت متسلقين يموتون من البرد، إلا أن ذلك لم يمنعها من استكمال المسيرة.
وقالت: "شعرت بالخوف قبل يوم من وصول القمة؛ لأنني كنت أخشي من عدم قدرة جسدي على مقاومة البرد وأن أتجمد هناك". وكان والدها هو الشخص الأول الذي اتصلت به بعد أن أنهت المغامرة وعادت إلى نيبال. وكانت الكلمات الأولى التي قالتها: "أبي لقد فعلتها"، وسمعت صوت أمها تسأل إذا كانت على قيد الحياة.