بعد يومين على بدء امتحانات نصف العام الدراسي شهدت لجان الامتحان في بعض مناطق المملكة عدة وقائع مؤسفة كانت أكثرها إيلاما ما حدث لمعلم في المرحلة الثانوية حاول منع طالب من الغش فكان جزاؤه الطعن بسلاح أبيض على باب المدرسة. ما حدث للمعلم وغيرها من حوادث يفتح الباب للتساؤل عما يحدث داخل اللجان، وكيف يدير الطلبة لعبتهم الأبدية للغش دون أن يقعوا في أيدي المراقبين، في حين أظهرت واقعة أخرى في الطائف مدى سعة حيلة الطلبة حين حاول شاب جامعي الدخول للجنة الامتحان بدلا عن ابن عمه قبل أن يكشفه ارتباكه. وإن كانت وسائل التكنولوجيا الحديثة متاحة للكثير من الطلبة إلا أنها لم تدخل معترك الغش بعد، ويرجع الطلبة ذلك إلى أن استخدام الجوالات أو سماعات البلوتوث أو جهاز البلاك بيري في الغش يعرض الطالب للطرد والحرمان من الامتحان في حين أن بعض المراقبين قد يتسامحون في وسائل الغش العادية. الطالب طلال في الصف الأول الثانوي أوضح أن أبرز وسائل الغش في المدارس هي لغة الإشارة والتي يتم الاتفاق عليها بين الطلبة قبل الامتحان والتي يستخدمونها بمجرد أن يلتفت المراقب أو يدير ظهره لهم. و أشار إلى أنه من الصعب استخدام الجوالات في الغش خوفا من أنها تصدر رنينا مفاجئا، موضحا أن مدرسته أعدت العدة وقلبت طاولات المدرسة , حيث أصبح الجزء المصمت من الطاولة هو ما يقابل الطالب بحيث لا يستطيع إخفاء شيء داخل الدرج. كثيرا ما كانت تتناول رسوم الكاريكاتير كم يضيع من الوقت والجهد لصنع البراشيم , لكن يبدو أن وسائل التكنولوجيا استطاعت حل هذه المعضلة، فالطالب عبد المحسن في الصف الثالث متوسط أشار إلى أن الطلبة ما عليهم سوى أخذ صفحات محددة أو الملخصات إلى أقرب مكتبة وطلب تصويرها بأصغر حجم. وأضاف: " الورقة الواحدة رغم أنها تكلف ستة ريالات تقريبا إلا أنها تكون أفضل للبعض مقارنة بالوقت والجهد المبذول لصنع البراشيم العادية"، مؤكدا أن الكتابة على أوراق ولصقها بالأحذية والكتابة على الجسم أو على الأدوات المدرسية كالآلة الحاسبة بقلم رصاص مازال منتشرا. ولا تبدو لجان امتحان الفتيات خالية من الغش وأساليبه ، فمي شهوان طالبة في المرحلة الثانوية بمدرسة خاصة قالت إن الطالبات يلجان لوسائل الغش التقليدية ، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن مدرستها تقدم لهم ملخصات وأوراقا يكون منها الامتحان عدا عن تساهل المراقبات , إلا أن الطالبات مازلن يلجأن للغش. وكانت وزارة التربية والتعليم قالت إن أكثر من 3 ملايين طالب وطالبة في المرحلتين المتوسطة والثانوية توجهوا صباح السبت لأداء اختبارات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الحالي في جميع مدارس البنين والبنات وسط استعدادات مكثفة من إدارات التربية والتعليم وإدارات المدارس لضمان سير الاختبارات بكل يسر. وأهابت الوزارة بجميع إدارات التربية والتعليم باتخاذ كل السبل لتوفير الجو النفسي الملائم للطلاب والطالبات أثناء تأديتهم للاختبارات وتجنيبهم كل ما يدعو إلى القلق والتوتر والشحن النفسي الزائد الذي يؤثر على تأديتهم للاختبارات . وأكدت إدارات التربية والتعليم على جميع المشرفين التربويين الميدانيين ضرورة التواجد المبكر كل في مدرسته حسب خطط التوزيع للإشراف الفني على عملية سير الاختبارات ومعالجة آية إشكاليات قد تقع في وقتها والرفع بالتقارير اليومية للوزارة عن حالة الميدان التربوي . في حين يعطي بعض الطلبة لأنفسهم مبررات عدة للغش، بل وتجرأ بعضهم بإعطاء فتاوى تحلل الغش، وأشهرها التي تقول أن الضرورات تبيح المحظورات على أن الرسوب أو عدم تحصيل درجات جيدة هي نوع من الضرورة، في حين يندفع بعض الطلبة إلى الغش لمساعدة بعض زملائهم من باب مساعدة الصديق. ولا يختلف اثنان على حكم الغش , ويحفظ الكثيرون من الطلبة الحديث الشريف "من غشنا فليس منا"، لكن ترديدهم له لم يمنعهم من الغش . وقال الشيخ عبد الرحمن السحيم في فتوى له عن حكم الغش "تكمن خطورة الغشّ أثناء الحياة التعليمية في أنه غِشّ للمجتَمع ، بل غِش للأمة .. فهو أخطر من غِشّ صاحب طَعام وضع الرديء أسفل العلبة ، أو أخفى عيب سِلعة ؛ لأن من فعل ذلك فقد غَشّ شخصا واحدا ، ومن غشّ في الاختبار والدراسة فقد غشّ الأمة" . وأضاف في فتواه "ولا شك أن غشّ الأمة أعظم من غشّ شخص واحد ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : من غش فليس مني . رواه مسلم ، مشيرا إلى شُبهة يُردِّدها بعض الطلاب ، وهي قول بعضهم : " أنا مضطرّ "والضرورات تبيح المحظورات" وإن لم أفعل سأرسب في المادة " ! وهذا من حِيَل الشيطان ، ومن تلبيسات إبليس ! فأي ضرورة تضطرّه إلى الغشّ ؟". وأضاف الشيخ السحيم " أن الضرورة هي ما يَخاف فيها الإنسان على نفسه من الهلاك أو على أهله وولده أو على ماله .. ولو رَسَب الطالب فأي ضَيْرٍ وأي ضرر أصابه ؟!، قد يتأخّر سنة دراسية ، أو يتأخّر نجاحُه إلى الدور الثاني ، ونحو ذلك .. إلا أن الطالب الذي قد يُخفِق لا يَخاف مع ذلك على نفسٍ ولا على مالٍ وولَد !".