يبدو أن حواجز الشرطة لم تعد تحتفظ برهبتها في نفوس العامة، فبعد انسحاب الشرطة التركية من ساحة "تقسيم" بوسط إسطنبول بعد مواجهات استمرت منذ صباح الجمعة مع آلاف المتظاهرين، قام آلاف آخرون اليوم بكسر الطوق الأمني لدخول الميدان الرئيسي بأنقرة تضامناً مع احتجاجات إسطنبول. وذكرت وسائل إعلام تركية أن شرطة العاصمة قمعت المتظاهرين ومعظمهم من الطلاب، باستخدام غازات مسيلة للدموع ورصاص مطاطي ما أسفر عن عشرات المصابين في ميدان كيزيلاي المركزي. وهاجم المتظاهرون قوات الأمن وسيطروا على الميدان هاتفين بشعار "تسقط الفاشية" و"معاً ضد الفاشية" و"لتستقيل الحكومة". وقطع نحو أربعة آلاف طالب الميدان الرئيسي الذي يؤدي إلى وسط العاصمة وساروا بعد ذلك من مقر الجامعة التكنولوجية للشرق الأوسط نحو الميدان المحظور أمام المظاهرات والاحتجاجات منذ ثمانينيات القرن الماضي. وذكرت إذاعات محلية أن 30 شخصاً على الأقل احتجزوا بالمستشفيات وأن أحدهم على الأقل في حالة خطيرة بعد تعرّضه للدهس من جانب سيارة مصفحة. وتظاهر آلاف الأشخاص الليلة الماضية ضد الحكومة التركية في عدة أحياء بإسطنبول ضد خطط إنشاء مركز تجاري في حديقة عامة. وكانت الاحتجاجات قد بدأت قبل أربعة أيام باعتصام لإنقاذ الحديقة في ساحة تقسيم بوسط المدينة، وتأججت مع تفريق الشرطة للمتظاهرين صباح الجمعة. وكانت الشرطة التركية بدأت في الانسحاب من ساحة تقسيم بوسط إسطنبول بعد مواجهات استمرت منذ صباح الجمعة مع آلاف المتظاهرين في المدينة. وبعد يومين من إقامة الحواجز واستخدام الغازات المسيلة للدموع ومدافع المياه ضد المتظاهرين، يحتفل آلاف المحتجين الآن بهذا الانسحاب كأول انتصار على ضغط الشرطة. وجاءت الاحتجاجات على خلفية إنشاء مركز تجاري في حديقة عامة بالقرب من ميدان تقسيم. ووقعت مواجهات متقطعة بين المتظاهرين والشرطة منذ أمس الجمعة، إلا أنها هدأت أخيراً. ودعا حزب الشعب الجمهوري، أكبر قوى المعارضة، أنصاره للتوجه للتقسيم، حيث كان من المتوقع أن يزداد الضغط على الأطواق التي فرضتها الشرطة. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أنه لن يستسلم أمام الاحتجاجات، إلا أن الرئيس عبد الله جول طالب بما اسماه "التعقل والحوار" مبرزاً القيمة الديمقراطية ل"سماع الآراء المختلفة". وأصدرت محكمة إسطنبول الإدارية يوم الجمعة قراراً بإيقاف الأعمال في الحديقة، إلا أن "أردوغان" شكك اليوم في قيمة القرار القضائي بقوله إنه يتسبب في "تولد أسئلة والمزيد من النزاع".