ناقش مؤتمر الحوار الوطني في اليمن اليوم الثلاثاء قضيتي الجنوب المضطرب وإصلاح الجيش، خلال اجتماعاته المستمرة في العاصمة صنعاء، في ظل اتهامات من ناشطي الجنوب بأن هناك مطبخاً سرياً لتمرير القرارات بعيداً عنهم. وتهدف المناقشات التي بدأت في 18 مارس إلى وضع دستور جديد، وتنفيذ إصلاحات لتمهيد الطريق إلى إجراء انتخابات رئاسية ونيابية العام المقبل.
ويشهد جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة حتى عام 1990 حركة انفصالية وتمرداً يقوده إسلاميون متشددون، تربطهم صلات بتنظيم القاعدة، ويثيرون قلق دول الخليج والغرب.
وقال أحمد بن دغر عضو الحوار الوطني من فريق القضية الجنوبية: "حتى الآن نحن ناقشنا معظم الرؤى المتعلقة بالقضية الجنوبية، والمجموعات استكملت تقديم رؤاها، وأعتقد أنه أصبح لدينا رؤية مشتركة حول الجذور، أي جذور هذه القضية".
واتحد شمال اليمن وجنوبه في دولة واحدة بعد أن أدى انهيار الاتحاد السوفييتي إلى تقويض اقتصاد الجنوب الشيوعي، لكن التناغم كان قصير الأجل، وأدت محاولة انفصال عام 1994 إلى حرب أهلية انتصر فيها الشمال.
ويقول سكان جنوب اليمن إنهم يتعرضون إلى تمييز من الشمال، ويؤيدون إقامة دولة منفصلة اشتراكية.
وذكر عضو آخر في الحوار من فريق قضية الجنوب، يدعى شفيع العبد، أن الخلافات على طريقة علاج مشكلة الجنوب كانت متوقعة.
وقال العبد: "طبعاً، رؤى المكونات اختلفت.. تراوحت.. منهم من ذهب رؤيته لجذور القضية الجنوبية بالبعد التاريخي للصراعات السابقة بالجنوب.. ومنهم من اقتصر على فترة تسعين (1990) وما بعد، على اعتبار أنها الفترة التي شهدت بروز القضية الجنوبية وظهورها إلى السطح".
وكافح اليمن لاستعادة الأوضاع الطبيعية منذ انتُخب الرئيس عبد ربه منصور هادي في فبراير 2012، في أعقاب احتجاجات استمرت عاماً، أجبرت سلفه الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التنحي بعد أن أمضى 33 سنة في السلطة.
وينتظر أن تتناول جلسات الحوار الوطني أيضاً إصلاح الجيش بهدف تقليص نفوذ الفصائل الموالية لصالح. وذكر عضو الحوار علي العماد ممثل الحوثيين في شمال اليمن أن مناقشات المؤتمر بناءة، لكن البلد ما زال يفتقر إلى الاستقرار.
وقال: "ما يحدث خارج الحوار إلى الآن كارثي.. يعني هناك مطبخ سري ينتج كل المخرجات.. ربما تخرج إيجابيات للحوار ينتجها بشكل مشوه مثل ملف الانتخابات.. ملف هيكلة الجيش.. مثل ملف التغيير الحقيقي عبر الوزارات.. ملف حكومة الوفاق".
وذكرت أروى أحمد الهيال عضو الحوار من فريق قضية بناء الدولة إن المناقشات تتناول خيارات واقتراحات عدة بخصوص هوية الدولة.
وقالت: "قدمت أطروحات من الأحزاب، سواء كان من المؤتمر الشعبي العام.. الحزب الاشتراكي.. الإصلاح.. السلفيين.. حتى من المستقلين والحراك (الجنوبي). تكلمنا عن الهوية.. اتفقنا في مجملها على هوية الدولة. تكلمنا عن شكل الدولة.. ما زالت ماهية الشكل الذي نريده.. هل نريد دولة اتحادية من إقليمين.. من ثلاثة أقاليم.. ما زالت مطروحة للنقاش".
وترجع أهمية الحفاظ على الاستقرار في اليمن حليف الولايات، الذي يقاتل متشددين من تنظيم القاعدة وحركة انفصالية في الجنوب ومتمردين في الشمال، إلى بواعث قلق من الاضطراب في بلد مجاور للسعودية أكبر منتج للنفط في العالم، ويطل على ممرات ملاحية مهمة. ويتوقع أن تستمر جلسات الحوار الوطني حتى سبتمبر.