يعتقد الكثير من العمانيين أن تناول وجبة الإفطار وسط العائلة يعطي رمضان طقوساً أكثر حميمية، ما يسهم في التقريب أكثر بين أفراد الأسرة الواحدة، وحتى القبيلة، ولهذا يعاني الموظفون الذين يقيمون في المساكن المخصصة للعزاب في مسقط بعيداً عن أهاليهم، الكثير من المصاعب خلال رمضان، الأمر الذي يكبّدهم الكثير من المشاق لقطع مسافات طويلة بشكل يومي. وقالت وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ": إن الطقوس الرمضانية التي تميز الشهر في عُمان، تبدأ بعد صلاة العصر، حينما يخرج المئات لشراء احتياجات الإفطار من فواكه وخضراوات. ويحرص العمانيون على شراء أغنام من السلالة العُمانية أو الصومالية، والأخيرة سعرها أقل بكثير من الأولى، فاللحم شرط أساسي لإعداد طبقين مهمين على المائدة الرمضانية العمانية هما الثريد، والهريس، بالإضافة إلى ما تحفل به أيضاً من أطباق عُمانية وشامية ومصرية أخرى. وقد اندثرت عادة أطلاق مدفع الإفطار في جميع الولايات العمانية، ليكون أذان المغرب هو الميقات الرسمي والشعبي لانتهاء أحد أيام الشهر وبدء ليلة ملأى بالفعاليات الرمضانية والطقوس الدينية. وبعد صلاة التراويح، تبدأ الأسر في تبادل الزيارات من بيت إلى آخر، بحيث يحرص الجميع على الالتقاء في أحد البيوت ثم ينتقلون إلى بيت آخر، إلا أن هذه العادة أيضاً تختلف من منطقة إلى أخرى، كما تنظم العائلات حفلات إفطار جماعي تدعو إليه المقربين والجيران، وربما يقطع البعض مسافات طويلة لحضور مثل هذه الدعوات. وتنظم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المئات من المحاضرات والندوات الدينية والثقافية طوال أيام الشهر، ورغم أن السلطات العمانية قررت منع تنظيم أي فعاليات رياضية في الأندية الرسمية واستبدال فعاليات ثقافية بها، لكن آلاف الملاعب تنشأ في الحارات والقرى لممارسة كرة القدم والكرة الطائرة، بعيداً عن سلطة وزارة الشؤون الرياضية. وعلى طول الطرق العامة في سلطنة عمان يستطيع عابر الطريق أن يختار إحدى "خيام الرحمن" ليوقف سيارته ويتناول وجبة الإفطار، والمساجد أيضاً تقدم ما لذ وطاب من أنواع الأكل للإفطار. وفي صورة من صور التكافل الاجتماعي يحرص العُمانيون على شراء كميات كبيرة من مستلزمات رمضان، لتوزيعها على الأسر الفقيرة والمحتاجة، وكما انقرضت ظاهرة مدفع الإفطار، أوشكت ظاهرة المسحّر على الانقراض من الكثير من المناطق العُمانية أيضاً. من جانبهم يتندر كبار السن في جلساتهم المسائية بالكثير من الذكريات عن مدفع الإفطار، والمسحّر ورؤية هلال رمضان وهلال العيد، في ظل غياب وسائل الإعلام في ذلك الوقت. يقول ناصر بن سليمان الوهيبي لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) "في ستينات القرن الماضي لم تكن هناك وسائل إعلام مثل الآن، ولم نكن نتحرى الهلال ولا نراه، لكن قد يصلنا من القرى المجاورة لنا أنهم رأوه في عصر اليوم التالي، فنمسك حينها عن الأكل والشرب، وكذلك كان الحال بالنسبة إلى عيد الفطر".