فنَّد الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول- صلى الله عليه وسلم- ونصرته، الدكتور خالد بن عبدالرحمن الشايع، مزاعم الكاتب المغربي أحمد عصيد، خلال المؤتمر العاشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي عقد منذ بضعة أيام، وانتقاده السافر للرسائل النبوية الشريفة إلى الملوك والقادة في زمانه، ووصفُه لتلك الرسائل الكريمة بأنها رسائل "تهديدية" و"إرهابية"، وزعمه بأن دين الإسلام "نُشر بالسيف والعنف"، وادعاؤه أنَّ القِيم التي حملتها الرسائل النبوية "شيءٌ غير مشرف". وقال الدكتور الشايع في رسالة بعث بها إلى "سبق": "لا يشك أيُّ مسلم أنَّ هذه الادعاءات مردودةٌ على صاحبها، فقد جاء فيها بالظلم والزور. وحتى يعلم أحمد عصيد مجانبته للصواب: فليعلم أنَّ هذه الرسائل النبوية الكريمة تعتبر مظهراً من مظاهر الدبلوماسية الراقية التي تعامل بها النبيُّ الكريم- صلَّى الله عليه وسلم- مع ملوك وقادة زمانه، فهي جديرة بالدراسة والتأمل ليستفيد منها أهل زماننا".
وأضاف: "وليعلم أنَّ الملك الروماني هرقل الذي وصلته إحدى الرسائل النبوية، وهو أحد دهاة زمانه، لم يتطرق إلى ذهنه- ولو للحظة- ما زعمه أحمد عصيد، ولذلك لم يملك هرقل إلا أن يتعامل مع الرسالة النبوية بتعاملٍ راقٍ وشريف، وجعل له بروتوكولاً استثنائياً، فقد عظَّم هذه الرسالة وعظَّم مرسلها، وقال عن النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- والذين حوله يسمعون، وفيهم وزراؤه وبطارقته و30 رجلاً من قريش، كما في الصحيحين: (فلو أني أعلم أني أخلُص إليه لتجشَّمتُ لقاءَه، ولو كنتُ عنده لغسلت عن قدمه). ثم إنَّ هرقل كما ذكر السُّهيلي وضع الكتاب في قصبةٍ من ذهب تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه".
وخاطب الكاتب عصيد قائلاً: "فيا أيها الكاتب، هل تظن أنك ستكون أكثر إلهاماً ودهاءً وفهماً من ملك كُتِب إليه هذا الكتاب الشريف، فافتخر به وعظَّمه، بل إنه كاد أن يسلم للأسلوب والمحتوى الذي تضمنته الرسالة. فلم يفهم تهديداً ولا إرهاباً ولا إهانة، بل فهم الهدى، وعرف الحق، وعرف مَكَانة محمَّد- صلَّى الله عليه وسلَّم".
وتابع الدكتور الشايع قائلاً: "وأما قولك: إنَّ الرسائل النبوية حملت التهديد! فقد أخطأت وزلَلْت، بل إنها كانت تزهو بالرفق والخير والهدى، قال الإمام النووي رحمه الله: لم يقل النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-: إلى هرقل فقط، بل أتى بنوع من الملاطفة، فقال: عظيم الروم، أي الذي يعظِّمونه ويقدِّمونه، وقد أمر الله تعالى بإلانة القول لمن يُدعَى إلى الإسلام، فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، وقال تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا} [طه: 44] وغير ذلك". وواصل: "وأما ما زعمه الكاتب المذكور بأنَّ قول النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أسلم تسلم» معناها: (إما أن تُسلم وإما أنك ستموت) فهذا فهمٌ بليد، سببه سُوء الطوية، وإخفاقه في فهم العربية، فقد قال أئمة العلماء: إنَّ هذه العبارة في نهاية من الاختصار، وغاية من الإيجاز والمبالغة، وجمع المعاني، مع ما فيه من بديع التجنيس وشموله لسلامته من خزي الدنيا، ومن عذاب الآخرة. فليس فيها ذكرٌ للموت المزعوم، بل هي أقرب إلى الترغيب؛ إذ فيها البشارة بعموم السلامة في ملكه وماله، وسلامة الدنيا والآخرة. ولا غرابة أن تتضمن كل ذلك وقد صدرت عمَّن أوتي جوامع الكَلِم- صلَّى الله عليه وسلم".
وذكر: "أما الزعم الذي تبناه الكاتب المذكور بأن الإسلام نُشر بالسيف والعنف؛ فهو افتراء سَبَقه إليه المبطلون، ونصوص القرآن والسُّنة وتاريخ الدعوة إلى الإسلام مفنِّد لهذه الدعوى. وأما ادعاء الكاتب عصيد بأنَّ القيم التي حملتها الرسائل النبوية (شيءٌ غير مشرف) فهذا سوء أدبٍ مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع مُرسِلِهِ ربِّ العالمين، فهي رسائل هدى وتوحيد، فيها الخير والرشد للإنسانية جمعاء، وهذا ما دعا إليه الأنبياء والمرسلون جميعاً، ولولا خشية الإطالة لتشرفتُ بتفصيل ذلك".
وقال الدكتور الشايع: "وإني لأذكِّر الكاتب أحمد عصيد بسوء عاقبة مزاعِمه الباطلة وتهجمه القبيح على الرسائل النبوية الشريفة، فهي استهانة- ولا شك بمرسلها- وأذكِّره بسوء عاقبة من استهان بتلك الرسائل، مثل كسرى مَلِك فارس الذي مزَّق الله مُلكه، وما قامت له قائمةٌ لما مزَّق الرسالة النبوية، بينما بقي مُلك هرقل لما أكرم الرسالة النبوية، وهكذا النجاشي مَلِكُ الحبشة أخذ الرسالة النبوية من المبعوث بها عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه، ووضعها على عينيه تكريماً لها، ونزل عن سريره وجلس على الأرض، فأكرمه الله بالإسلام، وأرى نبيه محمداً- عليه الصلاة والسلام- مكانه في الجنة".
وبيَّن أن العلماء عدوا "تخريق الكتاب النبوي وتمزيقه من التهاون بأمر النبوة والاستهزاء بها؛ فلذلك دعا عليهم بالتمزيق فأُجيب، كما ذكره الإمام أبو الحسن علي بن خلف ابن بطال القرطبي رحمه الله، فكيف بمن يصف تلك الرسائل النبوية الكريمة بأوصاف باطلة ويتهمها بتهم ساقطة؟!".
كما سجل الدكتور الشايع "الشكر والتقدير للشعب المغربي بعامة، وللأمة الأمازيغية بشكل خاص، والذين غاروا على الجناب النبوي، واستنكروا على الكاتب عصيد أباطيله، فهذا هو الظن بهم، أهلَ سُنةٍ وكفاح عن الإسلام ومقدساته". وختم الدكتور الشايع رسالته إلى "سبق" قائلاً: "أرجو أن يرجع الكاتب عصيد عن خطئه، وإلا عُرض على القضاء؛ دفاعاً عن أشرف الخلق وخاتم الرسل محمد عليه الصلاة والسلام".