أودعت محكمة النقض (التمييز) المصرية برئاسة المستشار عادل عبد الحميد رئيس المحكمة حيثيات حكمها بنقض وإلغاء الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة في قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم والتي قضت بإعدام رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط الشرطة السابق محسن السكري. حيث استندت المحكمة في نقض الحكم إلى التناقض في شهادة ضابط بشرطة دبي، وصورة غير واضحة استدلت بها المحكمة، إلى جانب فارق التوقيت بين كاميرتي المراقبة في فندق الواحة ومبنى الرمال 1. ونقلت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" عن المستشار عادل عبد الحميد، في مؤتمر صحفي السبت، أنه سيتم تسليم ملف القضية إلى محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار انتصار نسيم يوم الثلاثاء القادم، لتحدد بدورها ميعاد المحاكمة وإحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة لتتولى إعادة محاكمة المتهمين. وذكرت محكمة النقض أن محكمة الجنايات التي حكمت بالإعدام استندت أيضاً في إدانتها للمتهمين إلى شهادة عيسى سعيد بن سالس الضابط بالإدارة العامة للتحريات بشرطة دبي، ونقلت عن الشاهد قوله "إن الشخص الذي تعقبته كاميرات المراقبة بفندق الواحة ومبنى الرمال 1 وتم عرضها على المحكمة هي (لذات) محسن السكري الماثل بقفص الاتهام"، وذلك على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ في 17 يناير 2009، إذ أوضح الشاهد أن الشخص الموجود في الكاميرات (تقريباً) هو محسن السكري، بينما قطعت المحكمة أن الشخص الذي تعقبته الكاميرات ببرج الرمال وفندق الواحة هو السكري من واقع التقرير الذي أعده مصوراً وعرضه المقدم محمد سامح سليم ضابط المساعدات الفنية بوزارة الداخلية. وقالت المحكمة إنه من الثابت في محضر جلسة المحاكمة أنه أثناء عرض تلك الصور حسب ترتيبها الزمني صباح يوم 28 يوليو 2008 ظهرت "إحدى الصور غير واضحة المعالم"، فأمرت المحكمة بتكبيرها فلم تتضح معالمها، إلا أن المحكمة قطعت أيضاً (اتخذتها دليل إدانة ثابت) على الرغم من عدم وضوح ملامح الشخص، وهي صورة في ترتيب الصور المستخرجة من الكاميرا الخاصة ببرج الرمال بأوصاف ملابس السكري والحقيبة البلاستيكية التي كان يحملها. وأكدت محكمة النقض أنه ليس لمحكمة الجنايات الحق في أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها في التحقيقات، إلى جانب أن الدليل الذي يعول عليه يجب أن يكون مؤدياً إلى ما رتبه الحكم عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وأن "الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين وليس على الظن والاحتمال. " وأشارت محكمة النقض إلى محكمة الجنايات حين عرضت لشهادة عيسى بن سالس والمقدم محمد سامح سليم كدليل ضد المتهمين، فإن المحكمة تكون قد تدخلت في هاتين الشهادتين بما يخرجهما عن مضمونهما، وتكون المحكمة قد قضت بما لا أصل له في الأوراق، مما يعيب الحكم ويبطله ويوجب نقضه. وقالت محكمة النقض إنه من الثابت من محضر جلسة المحاكمة الجنائية أن السكري إثر مواجهته بالصور التي سجلتها كاميرات المراقبة صباح يوم 28 يوليو 2008 والتي تم عرضها بالتقرير الفني المصور الذي أعده المقدم محمد سامح سليم قد أقر بأن هذه الصور تعود له، وأنه كان عائداً من "صالة الألعاب الرياضية"، إلا أن محكمة الجنايات جعلت من دفاع المتهم الذى يبرر به وجوده في هذا المكان الذي وقعت فيه الجريمة دليلاً ضده، وانتهت إلى الجزم بأن ذلك الشخص هو محسن السكري. وبذلك تكون المحكمة قد استندت إلى قرينة باطلة، إذ لا يجوز استخدام دفاع المتهم دليلاً عليه. ولهذا استبعدته محكمة النقض. وذكرت محكمة النقض في حيثيات رفض حكم الإعدام، أن محكمة الجنايات عولت على شهادة الشاهد عيسى سعيد بن سالس الضابط بالإدارة العامة للتحريات بدبي، وذلك في ضوء ما شهد به أمام المحكمة باختلاف المواقيت الزمنية التي تسجلها كاميرات المراقبة في برج الرمال 1 وفندق الواحة في ذات اللحظة الزمنية، وأن النظام السليم هو النظام الخاص ببرج الرمال، وأن الفارق الزمني بين النظامين في ذات اللحظة الزمنية من 3 إلى 4 دقائق. وقالت محكمة النقض إن دفاع المتهمين أمام الجنايات تمسك بالمنازعة في الزمن الذي استغرقه وقت ارتكاب الحادث، منذ لحظة خروجه من فندق الواحة، حتى دخوله برج الرمال وارتكابه الجريمة، ثم خروجه من برج الرمال عائداً إلى فندق الواحة. وهي في حسابات الزمن بضع دقائق، حسبما اعتمد حكم الجنايات صورة الواقعة بقوله إن السكري خرج من فندق الواحة الساعة الثامنة و29 دقيقة، ثم دخل برج الرمال الساعة الثامنة و48 دقيقة، ثم استخدم المصعد للدور 22 حيث ارتكب جريمته بشقة سوزان تميم الساعة الثامنة و52 دقيقة، ثم هبط إلى الدور 21 وتخلص من ملابسه المدممة بوضعها في صندوق خرطوم إطفاء الحرائق ثم هبط إلى الدور قبل الأرضي الساعة التاسعة و4 دقائق. وأكدت محكمة النقض أن الدفع المتعلق بحساب فروق توقيت تتبع حركة السكري يوم ارتكاب الجريمة يعد في خصوص الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى، ولو صح لتغير وجه الرأي فيها، ومن ثم كان ينبغي على محكمة الجنايات أن تتخذ ما تراه مناسباً من الوسائل بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق سماع شهادة "المختص فنياً بتشغيل تلك الكاميرات". ونظراً لأن محكمة الجنايات لم تفعل ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور، فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع. وكان قد سبق للنيابة العامة أن أحالت المتهمين إلى المحاكمة الجنائية بعد أن نسبت للسكري ارتكاب جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد خارج القطر للمطربة اللبنانية سوزان تميم بمسكنها بدبي، وذلك بعد مراقبته لها بالعاصمة البريطانية لندن ثم إمارة دبي مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض (سكين) أعده لهذا الغرض، فيما نسبت إلى هشام طلعت مصطفى أنه اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع السكري على قتل سوزان تميم بأنه حرضه على ذلك وأمده بالأموال اللازمة والتي بلغت قرابة مليوني دولار أمريكي.