دعا عدد من الباحثين المشاركين في المؤتمر الثالث للأوقاف، الذي ينعقد في المدينةالمنورة، إلى تخصيص قضاة للنظر في القضايا المتعلقة بالأوقاف ونزاعاتها وكل ما يتعلق بها. وأكد الدكتور محمد شبير ضرورة التفريق بين ملكية الوقف الخاصة والعامة وملكية الدولة للأوقاف، والتصدي إلى جميع محاولات وأعمال الاستيلاء على الأوقاف والأراضي من المستعمرين والمحتلين في كل الدول الإسلامية, فيما أشار الدكتور يوسف إبراهيم يوسف في مداخلته أثناء الجلسة الأولى في المؤتمر، إلى أهمية نشر ثقافة الوقف بين أبناء الأمة. وطالب الدكتور صالح محمد الحسن، بضرورة تكليف لجنة علمية للنظر في مجمل البحوث التي قدمها الباحثون والباحثات المشاركون في المؤتمر، وحذف المكرر منها، واختيار ما يمكن أن يبقى بين يدي أصحاب القرار في الدول الإٍسلامية، من أجل الإستفادة من تلك الأبحاث والعمل على تفعيل ما تتضمنه من توصيات, منوهاً بقرار خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مؤسسة مستقلة تعنى بشؤون الأوقاف وتنظيمها. من جانبه، دعا الدكتور محمد السيد الدسوقي، إلى إنشاء إتحاد عالمي يقوم بالتنسيق والمتابعة من أجل تطوير شؤون الأوقاف في كل الدول الإسلامية، والتوسع في إيجاد سبل دعم للمتضررين من الكوارث عن طريق الأوقاف، وتخصيص مؤسسة وقفية للرد على محاولات المساس بالإسلام والمسلمين، وما تواجهه الأمة من تحديات في هذا العصر من جهات غربية متطرفة. وطالب محمد الزحيمي بضرورة تشجيع إنشاء كراس علمية في الجامعات، تناقش أهمية الوقف، والعناية بشؤونه، وسبل تطوير الأوقاف, مطالباً بإيجاد قضاة متخصصين للنظر في قضايا الأوقاف في المحاكم الشرعية في كل الدول الإسلامية. وتساءل الدكتور محمد الهرفي عن مدى صحة استبدال أعيان الوقف للصرف على العلماء وجهودهم التنويرية. ودعت الدكتورة دلال الحربي إلى توحيد الجهود وتفعيل نتائج الأبحاث باعتبار أن كل دول العالم بدأت في الاهتمام بالأوقاف وربطها بتنمية اقتصادياتها داخلياً وأرجعت الدكتورة مريم التميمي، أبرز أسباب التفاوت الطبقي في المجتمعات، إلى ارتفاع الأسعار في ضرورات الحياة، وصعوبة الحصول على عمل مناسب، وإهمال المشاريع الصغيرة , وإهمال صرف الزكاة، وتوزيع الثروات الخاصة والعامة , فيما علق الدكتور عبدالفتاح إدريس في مداخلته على قدسية الأوقاف، وصلاحية استبدال الوقف بما يضمن استمرار منافعه للموقوف عليهم. مؤكداً من جانبه، ضرورة أن يكون هناك قاضٍ يتولى تقدير المنافع المترتبة على استبدال الوقف. ونفى الشيخ صالح درويش عزوف الناس عن الوقف، مؤكداً أن المملكة شهدت خلال السنوات الأخيرة تصاعداً في الاهتمام بالأوقاف ووجود مؤسسات تدعم الأوقاف، مشيراً إلى أن عشرات المليارات تم تخصيصها في غضون السنوات الماضية , إضافة إلى وجود هيئات ولجان أهلية للنظر في أمور الأوقاف ومتابعتها, كما طالب أحد المشاركين بتسجيل الأوقاف في منظمات إسلامية، بحيث إذا أراد أحد استبدال الوقف يكون قد جرى تسجيله في تلك المنظمة، مقترحاً أن تكون تتولى منظمة المؤتمر الإسلامي هذا الإجراء، وحصر الأوقاف في كل الدول الإٍسلامية. قدم أستاذ الشريعة بجامعة الشارقة، الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي، في الجلسة الثانية من المؤتمر، بحثاً بعنوان "ملكية أعيان الوقف بين مقاصد التشريع ومثالب السيطرة"، طرح فيه تصوراً شاملاً للوقف من حيث ماهيته، وأصله التشريعي، وملكية أعيانه، ومقاصده التشريعية، ودوره في بناء الحضارة الإسلامية، ومثالب السيطرة على أعيانه، سواءً من جانب الموقوف عليهم أو الطامعين فيه من غيرهم، أو من جانب المستعمر الأجنبي أو من جانب الحكومات، كما ناقش الباحث حكم ملكية أعيان الوقف ومذاهب الفقهاء فيها، حيث رجّح أن ملكية الوقف لله تعالى، وأشار إلى ضرورة المحافظة على الملكية الثانية والدائمة والمستقرة لأعيان الوقف عند إستثماره والانتفاع به. وتعرض أستاذ الفقه بجامعة القاضي عياض بالمغرب، الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن محمد العمراني لأهمية ومثالب استبدال أعيان الوقف وضوابطه، حيث استعرض في بحثه الذي جاء بعنوان "استبدال الوقف بين المصلحة والاستيلاء" استعرض مذاهب الفقهاء وضوابطهم في مسألة استبدال أعيان الوقف، مرجحاً مذهب الحنابلة والأندلسيين من المالكية بجواز استبداله متى خرب وتعطلت منافعه. وناقش رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل الدكتور عبدالله بن محمد السماعيل، أحكام نقل الوقف واستبداله، بانياً الحكم على نوع الوقف الذي حدده بوقف المسجد وغير المسجد. وجاء بحثه بعنوان "أثر المصلحة في تغيير العين الموقوفة" وناقش فيه حكم التصرف في أعيانه بالاستبدال والنقل مراعاة للمصلحة العامة وأحكام وضع الناظر يده عليه وتصرفاته الجائزة في أعيانه. وأكدت أستاذ الشريعة بجامعة أم القرى، الدكتورة ابتسام القرني، أن تدخل الدولة المباشر في الوقف ليس هو الصيغة المثلى لإدارته، وقالت إن المأمول أن يكون دورها إشرافياً رقابياً، لا أن تتصرف في أصول الوقف وغلاته. وتحدثت د.ابتسام في بحثها الذي قدمته بعنوان "الوقف بين حكم ملك الله تعالى، والملكية العامة" عن خروج الوقف من ملك الواقف ودخوله في ملك الله تعالى، لأن المالك الحقيقي هو الله، والإنسان مستخلف بضوابط وقواعد، رغم أن الشريعة الإسلامية أقرت الملكية الخاصة وشجعت عليها. وأوصى الأستاذ بكلية الأوزاعي ببيروت، الدكتور محمد قاسم الشوم بتقنين أحكام الوقف وإكمال نواقصها، ورفع يد الدولة عن الأوقاف وقصر دورها على الإشراف والمراقبة والمحاسبة وإطلاق يد العمل الأهلي للمشاركة في الأنشطة الوقفية ضمن المراقبة القانونية الضابطة. وأكد الدكتور الأستاذ الدكتور شوقي دنيا، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن مؤسسة الوقف لا تستغني عن رعاية الدولة وإشرافها وأن المفارقة أن هذه المؤسسة لا تجد أخطر من تدخل الدولة غير المضبوط بالحدود الفاصلة بين ملكية المال العام وملكية الوقف، وقال إن ولاية الدولة على الأوقاف بالأسلوب الذي يحافظ عليها ويحترم شرط الواقف مسؤولية وواجب شرعي، وأضاف في بحثه المقدم بعنوان "استقلالية أعيان الوقف عن المال العام – الوسائل والغايات" إن جهاز القضاء هو الجهاز العام الذي له حق التدخل في المسائل الوقفية دون غيره من أجهزة الدولة التنفيذية بالنظر إلى استقلاليته وقيامه على العدالة. أما عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأسيوط، الأستاذ الدكتور عبد القادر محمد أبو العلا، قد انتهى في بحثه المقدم بعنوان "قصور الحماية الجنائية لأعيان الوقف وأثره في اندثاره" إلى أن الحماية الجنائية ذات تأثيرعظيم في الحفاظ على الوقف وأدائه لدوره واستثماره وتنميته، ولا يتأتي ذلك إلا بشمول الحماية لكل الأنشطة والأعمال التي تتصل بالوقف، لما لها من دور في الحفاظ على الوقف وتأديته لدوره وردع المعتدين وتشجيع الأمة على الوقف واتساع مجالات الوقف وشموله أنواعاً جديدة. وقدمت عميدة الدراسات الجامعية للطالبات بجامعة أم القرى، الأستاذة الدكتورة وفاء المزروع، بحثاً بعنوان "الوقف خلال العصر العباسي الأول وأثره في الحياة العلمية" تناولت فيه نمو الوقف في العهدين الأموي والعباسي الأول، وما أسهم به الوقف من دور بالغ في التقدم الحضاري للمجتمع الإسلامي في العصر الأموي، حيث أشارت، على وجه الخصوص، إلى وقف الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان على قبة الصخرة، ووقف الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك على المسجد النبوي وتشييده للجامع الأموي بدمشق وأوقاف الحرمين الشريفين في العصر الأموي. أما الأستاذة بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، الدكتورة عقيلة رابح حسين، فقدمت بحثاً بعنوان "البعد الحضاري والاجتماعي لإسهام المرأة في الوقف: الواقع والآفاق"، تساءلت فيه عن حكم وقف المرأة والوقف عليها، وعن جواز تولي المرأة لنظارة الأوقاف، وانتهت بالأدلة إلى مشروعية وقف المرأة والوقف عليها وأن تكون مستثمرة وممولة للوقف. أما الأستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية الباحث د. علي حسين علي، فقدم بحثاً بعنوان "مقاصد الشريعة الخاصة بالوقف الإسلامي تأصيلاً وتطبيقاً" تناول فيه مقاصد الشريعة الخاصة بالوقف، وانتهى إلى القول بأن مقاصد الشريعة الخاصة بالوقف متعددة، منها الديني، والاجتماعي، والاقتصادي. وأوصى المشاركون في الجلسة الثانية من المؤتمر بنشر ثقافة الوقف في المقررات التعليمية والوسائل الإعلامية، وتسجيل الأوقاف بالتوثيقات المعاصرة، وتصويرها وتسجيلها باسم الوقف "ملك أو مشاع" ، وأن تشكل محاكم متخصصة للوقف، وتقنين تدخل الدولة في الأوقاف، وتحديد الحد الفاصل بين ملك الدولة العام وملك الوقف، كما أوصى باحثون آخرون بضرورة محاسبة النظار ومعاقبتهم عند تقصيرهم.