شهد المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية، الذي ينظمه كرسي القرآن وعلومه بجامعة الملك سعود، بالتعاون مع مركز: "تفسير" للدراسات القرآنية في يومه الثاني، جلستين تناولتا المحور التعليمي للمؤتمر، حيث قُدمت العديد من الأوراق البحثية، التي ناقشت عدداً من القضايا والموضوعات ذات الصلة الوثيقة بتطوير الدراسات القرآنية. في الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي، أستاذ الدراسات القرآنية، كلية المعلمين – الرياض, وفي ورقة بحثية بعنوان: "الدراسات القرآنية في الجامعات الباكستانية مناهج، إنجازات، مشاريع الجامعة الإسلامية العالمية أنموذجًا"، أكد سيد نور الهدى، باحث في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد، على أن ما يؤخذ على المواضيع المدروسة في مستوى الدراسات المعمقة، والدكتوراه في قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين، هو الأخذ بمناهج المفسرين عموماً، وعدم التطرق إلى المواضيع الحديثة التي تستحق دراسات جادة مثل: التأويل الحداثي في تفسير القرآن، ونظريات حديثة في اللسانيات وأثرها على الدراسات القرآنية، التي تحتاج إلى تكوين قوي ليتم الرد القوي على ما يتطاول به على النص القرآني تحت مسميات الحداثة والتنوير، بالإضافة إلى البحوث حول الاستشراق وجهوده الحديثة المعادية للقرآن وعلومه الأصيلة، والمناهج والتيارات المعاصرة والمنحرفة في التفسير، وتقديم المشاريع حول الجانب التقني في خدمة كتاب الله - عز وجل - وعلومه.
وأوضح الدكتور جمال محمود أبوحسان، أستاذ مشارك في التفسير وعلوم القرآن بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، في ورقته البحثية: "نحو إصلاح التعليم في برنامج الدراسات العليا في تخصص التفسير وعلوم القرآن": أن هذا البحث يقوم على دراسة السبل التي تيسر منهجاً متطوراً في الدراسات القرآنية، وبخاصة في مجال الدراسات العليا، وقد خلص الباحث إلى أن التطوير المنشود في مجال الدراسات القرآنية، لابد له من المرور أولاً بضرورة العلم والفقه بأننا في أمس الحاجة إلى هذا التطوير، فإذا عرفنا ذلك، واستبانت لنا الحاجة إليه، حسن الحديث فيه، وإلا فإن الحديث في غير ذلك يعد ضرباً من ضياع الأوقات، ثم عرج الباحث إلى التطوير المنشود في طالب الدراسات القرآنية، بخاصة والعلوم الشرعية بعامة، وأنه لا بد أن تتوافر فيه صفات وخصائص تميزه عن غيره، ثم مضى الباحث إلى الخطط الدراسية التي تقوم عليها دراسة هذا الطالب، وأنها لابد أن تصاغ بعناية فائقة؛ لنستطيع من خلالها تخريج طالب الدراسات القرآنية على خير وجه، ثم انتقل الباحث إلى معلم الدراسات العليا، أو ما يسمى أستاذ الجامعة.
وفي ورقة بحثية بعنوان: "مناهج الدراسات القرآنية في الجامعات العراقية نقد وتحليل وبدائل"، كشف الدكتور أسامة عبدالوهاب الحياني، مدير المراكز القرآنية في شمال بغداد، عن اهتمام الجامعات العراقية بدراسة القرآن الكريم، حيث أَنشأت كليات وأقساماً في علوم القرآن والدراسات القرآنية، مثل: قسم علوم القرآن والتربية الإسلامية في جميع كليات التربية، ثم أُنشئت حديثاً كليات تحت اسم: “كلية الدراسات القرآنية” في جامعة النجف وبابل، واتسعت دراسة علوم القرآن الكريم ليدخل هذا القسم في الكليات الإنسانية والإسلامية، مثل: كلية الآداب، وكلية أصول الدين في الجامعة العراقية، وغيرها من الجامعات.
الدكتور عمر بن عبدالعزيز الدهيشي، عضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه (تبيان)، قال في ورقته البحثية: "دراسة تقويمية لمقرر علوم القرآن في الجامعات السعودية": إن الجامعات السعودية تزخر بالتخصصات الشرعية، إما في كونها كلية مستقلة، أو عبارة عن أقسام في كليات التربية أو الآداب، ويأتي في مقدمتها أقسام الدراسات القرآنية بمسمياتها المترادفة، وحيث إن من أركان المقررات العلمية لهذه الأقسام العلمية مقرر: علوم القرآن، وهو علم واسع ومباحثه متفرقة، ومن خلال الاختلاف والتنوع في تناول موضوعات هذا العلم من قسم أكاديمي لآخر، قمت بوضع محاور يرى الباحث ضرورة تضمينها لمفردات هذا المقرر، حيث تجمع بين الشمولية والتكاملية، والأصالة والمعاصرة، والموازنة والمقارنة، بين أنواع العلوم المختلفة المتنوعة، ومن ثم وضعت معايير قياسية للخطط الدراسية القائمة، ومدى تضمينها لتلك المحاور بنسب مئوية.
وفي ورقة بحثية بعنوان: "التعليم بالاكتشاف الموجّه في تدريس أحكام التلاوة والتجويد من خلال عرض تجربة مؤسسة المدارس العمرية في الأردن"، أكد كل من: الدكتورة شفاء الفقيه, والدكتور حمزة حماد – جامعة الحدود الشمالية – عرعر على أن تعليم القرآن الكريم هدف سام يتعهده معلم التلاوة والتجويد في حياته، ويسعى إليه بكافة السبل والوسائل، بيد أن الشريحة الكبرى من معلمي التلاوة والتجويد تلقت هذا العلم بالأسلوب التقليدي، الذي يعتمد على تلقي الأحكام وحفظها كما هي، دون إعمال العقل في كيفية تقعيد العلماء لها، ودون اكتشاف الروابط بينها، واستنتاج العلاقات؛ ولما كان التعليم بالاكتشاف الموجّه، وهي طريقة من طرق التدريس، يصل بها الطالب إلى القاعدة الشاملة أو العامة، من خلال استقراء الصفات المشتركة للأمثلة والجزئيات، وتسهم في زيادة قدرة المتعلم على التفكير، وتمكّنه من تنمية مهارة الملاحظة، والتحليل، والتركيب، وتقويم المعلومات، وتسهم في ترسيخ المعرفة التي يتوصل إليها الطالب بنفسه؛ كان هذا سبباً في اختيار تطبيق هذه الطريقة في تدريس عدد من موضوعات التلاوة والتجويد.
وفي الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور إبراهيم نورين، مدير جامعة القرآن الكريم - السودان, قدم الدكتور أحمد بن عبدالله سليماني، أستاذ مساعد بقسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ورقة بحثية بعنوان: "تطبيق الجودة في تعليم القراءات العشر"، موضحاً أن أهمية الموضوع في أن عملية تعليم القرآن الكريم بقراءاته المتواترة لها علاقة كبيرة، وارتباط مهم بالجودة؛ إذ إن مفهومها حاضرٌ في كل تعاليم الإسلام بكل مضامينه؛ وهو يمثل قيمة إسلامية، فتعبير الجودة ليس تعبيراً جديداً.
يوسف بن مصلح الردادي، معيد في قسم القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قدم ورقة بحثية بعنوان: "دورُ الجهاتِ القرآنيةِ المتخصصةِ في تطويرِ خدمةِ كتبِ علومِ القرآنِ؛ علمُ القراءاتِ نموذجاً"، كشف فيها عن الجهود المبذولة من الجهات القرآنية المتخصصة في تطوير كتب علوم القرآن، مع تسليط الضوءِ على علم القراءات، كنموذج للدراسة في هذا البحث. وفي ورقة بحثية بعنوان: "الدراسات التربوية للقرآن الكريم الواقع والمأمول"، أكد سلطان مسفر الصاعدي، معلم لغة إنجليزية على أن الدراسات التربوية للقرآن الكريم تعاني من ضعف شديد، وتدن في التناول والطرح, كما أن الأخطاء تتمثل في العنوان، حيث إن أغلبها عناوين غير محددة ولا محررة المعالم, بالإضافة إلى أن من الأخطاء في خدمة النص القرآني، عدم العناية بكتابة النص القرآني بالرسم العثماني.
وذكرت الدكتورة كوثر بنت محمد الشريف، معلمة في وزارة التربية والتعليم، في ورقتها البحثية: "أسس تطوير تعليم القراءات القرآنية": أن البحث يهدف إلى استنباط أسس تطوير تعليم القراءات القرآنية، التي تقوم عليها عمليات التحديث والتجديد للعناصر التعليمية في علم القراءات، وتشتق منها؛ بقصد تحسين، وتيسير العملية التعليمية، وتحقيق أهدافها. إيمان بنت حمد الجاسر، بقسم الثقافة الإسلامية, جامعة الملك سعود قالت في ورقتها البحثية: "غياب الجانب التطبيقي في تعلم وتعليم الدراسات القرآنية": إن هذا البحث يسلط الضوء على دراسة هذا الموضوع، من ناحية التأصيل الشرعي لمسألة الجانب التطبيقي في تعلم وتعليم الدراسات القرآنية، مع تقرير أبرز المعالم المنهجية المهمة، في تقعيد الجانب التطبيقي للدراسات القرآنية، وذكر المخرجات العلمية الثرية التي ورثها الصحابة من أنماط التعليم النبوي في العلوم القرآنية.
كما شهد اليوم الأول للمؤتمر عدداً من حلقات النقاش منها حلقة: "موسوعة التفسير الموضوعي – المشروع والطموحات"، ألقاها الدكتور مصطفى مسلم, وحلقة: "رؤية في تطوير الدراسات الأكاديمية في أقسام القراءات"، ألقاها الدكتور أحمد بن علي السديس, وحلقة: "مشروع كلية الإعجاز"، ألقاها الدكتور عبدالرحيم الشريف, وحلقة: "المنهج الأصيل في تلقي القرآن الكريم"، ألقاها عبدالهادي لعقاب, وحلقة: "تطوير أداء معلم القرآن في مهارة تصحيح أخطاء التلاوة المتأصلة لدى الفئة العمرية ما فوق الثلاثين"، ألقتها حفصة محمد إسكندراني, وحلقة: "الدراسات القرآنية في إطار عالمة, دراسة تنظيم وإدارة الدراسات القرآنية بالإنجليزية أنموذجاً"، ألقاها الدكتور عبدالرحمن أبوالمجد.