طالب أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبد العزيز الغريب بإعادة دور خطباء الجمعة وانفتاحهم على الدراسات النفسية والاجتماعية للحد من العنف ضد الزوجات وظاهرة الطلاق في السعودية. وشدد الغريب على ضرورة تزويد خطباء المساجد بالإحصاءات والأرقام لإقناع المجتمع وللحث على التعامل والتواصل الاجتماعي الإيجابي، موضحاً في حوار خاص مع "سبق" أن هناك عدة أسباب تكمن وراء العنف الأسري خاصة المتعلق بعنف الزوج. وعدد الغريب بعض أسباب العنف الأسري، وقال منها أن يكون الزوج متعاطياً للمخدرات أو مختلاً نفسياً أو أن تكون زوجته لا ترضي طموحه. كما تحدث أستاذ علم الاجتماع الدكتور عبد العزيز الغريب عن عدد من قضايا العنف الأسري في المجتمع، فإلى نص الحوار.. * في رأيك من يتحمل فشل أي علاقة زوجية؟ لا يمكن إلقاء اللوم على أحد طرفي العلاقة الزوجية، فالزواج عملية مشتركة بين الطرفين، نجاحه عملية مشتركة وفشله عملية مشتركه بين الطرفين إضافة إلى الأطراف المحيطة من الزوجين بدءاً بالعائلتين ولا تنتهي بالظروف الاجتماعية، بل هناك عوامل قبل وبعد الزواج يمكن أن تنبئ بنجاح الزواج أو فشله. * وما هي هذه العوامل؟ عوامل ما قبل الزواج تتمثل في أسلوب الاختيار، والتكافؤ بين الطرفين في المستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي، والطباع والميول والاهتمامات والاتجاهات بين طرفي العلاقة ومدى تماثلها واختلافها. وهناك عوامل ما بعد الزواج التي لا يمكن اكتشافها مبكراً، ومن هذه السلوكيات: طباع الزوجين المختلفة، مدى قدرة الزوجين على تحمل الحياة والمسؤوليات الجديدة، والظروف المادية للزوج والضغوط عليه، وكذلك عدم تقبل المرأة للحياة الجديدة والتغيرات فيها والأدوار الاجتماعية الجديدة التي يجب أن تمارسها. كما أن عمل المرأة، وظروف الوضع المادي للزوج، ومدى الاستقلالية للزوجين عن عائلتيهما، والتغيرات الاجتماعية والفضائيات والإعلام كل هذه عوامل تؤثر على الحياة الزوجية. *هل نسبة الطلاق بين الأقارب تكون أقل؟ الزواج بين الأقارب تكون نسب الطلاق فيه منخفضة، ولكن هذا لا يعني أن يكون الزواج ناجحاً أو إيجابياً، ولكن هناك ظروف اجتماعية تحتم عليهما الاستمرار حتى ولو كانت الحياة بينهما سيئة. * في رأيك ما هي أسباب تعنيف الزوجات؟ العنف ضد المرأة عمل مشين لا تقبله الشرائع السماوية، والإسلام كذلك حث على حسن التعامل مع الزوجة. وأسباب العنف ضد الزوجة كثيرة منها ما هو اجتماعي كالنظرة للمرأة ونظرة الرجل واحتقاره للمرأة والتي لا يقبلها الشرع، أيضاً ظروف الزوج المادية، وهناك أسباب تتعلق بالزوج قد يكون مختلاً نفسياً أو متعاطياً للمخدرات أو يكون وضعه الاجتماعي والاقتصادي أقل من الزوجة أو يكون تمثل المرأة له عملية إكراه من قبل عائلته أو تكون الزوجة لا تمثل له الطموح الذي يريده أو يكون صغيراً في السن لا يتحمل المسؤولية. * هل هناك امرأة تحفز الرجل على ارتكاب العنف ضدها؟ نعم المرأة التي ترضى لنفسها أن تكون ضحية صامتة، فالمرأة قد تقبل العنف لقلة الفرص أمامها بالدفاع عن نفسها كتركيبتها الجسدية والبيولوجية أو أن أسرتها لا تستقبلها في حالة طلاقها لثقافة وقيم يؤمن بها البعض، حيث تكون هي الخاسرة إذا أخبرتهم بالعنف الذي يرتكب ضدها. * هل خطباء الجمعة أقدر على تغير السلوكيات الخاطئة في المجتمع؟ نعم دور منبر الجمعة والدراسات العلمية تؤكد أننا في المجتمعات الإسلامية في نعمة كبيرة من الله، فمنبر الجمعة وسيلة اتصالية اجتماعية دينية لتوجيه المجتمع للارتقاء بالقيم الدينية وحفظ الحقوق ومراعاة الأساليب الإيجابية للتربية نحو تقويم المجتمع وحث الناس على التواصل والعلاقات الإيجابية. منبر الجمعة له دور كبير جداً في كبح بعض السلوكيات الخاطئة والالتزام بالخلق الاجتماعي، وفي تصوري تجب إعادة الدور الاجتماعي للخطباء الجمعة والانفتاح على الدراسات النفسية والاجتماعية في المجتمع لتكون عوناً لهم ليتزودوا ما بها من إحصاءات وأرقام لإقناع الناس والقضاء على السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها البعض. * مؤتمرات وندوات كثيرة تقام خلال العام تخرج بتوصيات ستسهم بحلول للحد من سلبيات كثيرة في المجتمع ولكنها لا تطبق.. فمن المقصر في ذلك؟ للأسف هناك فجوة كبيرة بين البحث العلمي التي تنفذ من خلال الباحثين والمؤتمرات والندوات والمؤسسات العملية في المجتمع، فالمسؤولية مشتركة إما أن تخرج تلك البحوث والتوصيات بحلول لا تمت للواقع بصلة، وإما أن تكون توصيات مثالية لا يمكن تطبيقها. يجب أن تكون تلك التوصيات قابلة للتطبيق، فهناك نغمة بين المؤسسات الاجتماعية والتنفيذية بأن البحث العلمي مجرد أفكار مجردة لا يمكن تطبيقها وهناك أيضاً من الباحثين أن المؤسسات العاملة للأسف لا تدعم البحث العلمي لأنها ترى أنه يكشف الواقع. * كيف ترى المرأة السعودية اليوم وهل مشاكل الحياة الزوجية باتت عقبة في طريق تحقيق طموحاتها المهنية؟ المرأة السعودية حققت الكثير من الإنجازات العلمية والبحثية وقرأنا مؤخراً في الصحافة عن المنجزات التي حققتها المرأة، فجامعة الملك عبد الله تضم بعض الفتيات السعوديات، والشركات المالية والتعليمية والصحية تبوأت المرأة فيها مكانة وظيفية عالية. إن 52% هي نسبة الفتيات السعوديات في الجامعات بينما الذكور يشكلون 48 % وبصفتي باحثاً علمياً في الجامعة أجد أن الفتاة السعودية أكثر جدية في تلقي العلم وفي تقديم البحوث والرسائل العملية. والفتيات يقدمن أفضل الرسائل العلمية وعندما قلت ذات مرة للطلبة لماذا لا تكون رسائلكم العلمية مثل رسائل زميلاتكم الطالبات قالوا "إنهن فاضيات"، فلا تزال للأسف نظرة المجتمع للمرأة كمجتمع شرقي موجودة. والمرأة السعودية صاحبة مسؤولية ولكن في الحياة الزوجية هناك حالات أصبح الرجل وبالاً عليها، فالبعض يحاول تعطيل منجزاتها، إلا أن المرأة السعودية سيكون لها مستقبل زاهر وستسهم أكثر في تنمية وتطوير مجتمعها وبشكل كبير جداً في المستقبل القريب.