تفاعلت إدارة الضمان الاجتماعي بالعاصمة مع ما نشرته "سبق" في عددها أمس، تحت عنوان "عجوز الزاهر تعيش على فتات المحسنين"، ووجّهت بسرعة صرف إعانةٍ عاجلةٍ للمُسِنة وتأثيث منزلها الشعبي الكائن بشارع الرصيف بحي الزاهر. وأكد مدير عام إدارة الضمان الاجتماعي بمكة المكرّمة عبد الله فديع الروقي ل "سبق" مُتابعته الشخصية حتى إنهاء مُعاناة عجوز الزاهر, مُثمّناً الدور الذي قامت به "سبق" والنشر عن حالة المواطنة المُسِنة ليتوصلوا إليها وتقديم المساعدة لها وتحسين وضعها. ودعا الروقي الأهالي إلى الإبلاغ عن مثل هذه الحالات التي لا تكون ظاهرة وهي من اهتمامات الضمان الاجتماعي, وأضاف: "إننا لا ندعي أننا شمسٌ مشرقة ولكن تعاون المواطنين لا بد منه وإبلاغنا عن أي مواطنٍ ومواطنة يُعانون عوزاً حتى نتمكن من مُساعدتهم وتقديم الخدمات إليهم"، مؤكداً حرص وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين ووكيل الوزارة لشؤون الضمان الاجتماعي محمد العقلا على المتابعة. وإزء ذلك عقب نشر "سبق" تقريراً عن مُعاناة عجوز تُلازم الجلوس أمام أحد المطاعم الشعبية بالشهداء بحي الزاهر لُتغادره بعدما امتلأت يداها بما يجود به من فتات المحسنين ومُرتادي المطعم الشعبي ووقف الباحث بالضمان الاجتماعي فؤاد محمد الحربي، صباح هذا اليوم، على حالة المُسِنة ورصد فصول حياتها المعيشية القاسية، كما تجوّل داخل منزلها الشعبي المُتهالك والخالي من الأثاث إلا من قطعٍ بالية تفوح منها الروائح النتنة. وتابعت "سبق" مُجريات البحث الاجتماعي التي جرت بتواجد أحد جيران المُسنة ليروي قصة عجوز الزاهر. وقال جار المُسنة إنها كانت من خيرة سكان الحي وصاحبة أيادٍ بيضاء حتى وفاة شريك حياتها منذُ أكثر من خمسة عشر عاماً حيث بدأت رحلة مجابهتها للحياة بمفردها ولا سيما أن ولديها أحدهما يُعاني مرضاً نفسياً فيما الآخر ألهته حياته الخاصة عنها، إضافة إلى ابنتها الوحيدة التي بالكاد تسأل عنها, مُشيراً إلى أنها ضمن المستفيدين من الضمان الاجتماعي حيث تتقاضي رسماً شهرياً مقداره 800 ريال إضافة إلى شموليتها ببرنامج الغذاء غير أن كل ذلك يذهب إلى أيدي أبنائها. ولفت جار المُسنّة الى إصابتها بعضال نفسي وتم إخضاعها للعلاج وحتى مُغادرتها لمستشفى الصحة العقلية ورجوعها لمنزلها وهي تقضي أوقاتها بمفردها بداخل جنبات منزلها الشعبي القديم المُتهالك لتفترش أرضيته وتلتحف سقفه. وطالب جار المواطنة المُسنة من باحث الضمان الاجتماعي فؤاد الحربي، عدم التخلي عن عجوز الزاهر ومُساعدتها وإيجاد طُرقٍ تحفظ لها كرامتها بالعيش بمنزلها بعد تأثيثه ومُناشداً في الوقت تدخُّل جهات الاختصاص حيال عقوق أبنائها واستحواذهم على مبالغها التي ترد من الضمان الاجتماعي وإلزامهم بالتكفل بها ورعايتها والاهتمام بشؤونها، مؤكداً أن لا عائل لها غيرهم إلا الله. وبصوت يكاد لا يُسمع قالت عجوز الزاهر لباحث الضمان الاجتماعي "يا ولدي أنجبت أبناءً لا خير فيهم فهل تكون لي الابن الصالح" وهنا لم يتمالك الباحث نفسه ليجهش بالبكاء وهو يُردّد "اللهم ارزقنا بر والدينا أحياءً وأمواتاً". من جانبها، أشارت إحدى قريبات عجوز الزاهر خلال وجودها لحظة وقوف الضمان الاجتماعي على حالة المُسنة، إلى أنها تربطها قرابة بالمُسنّة, مُبينة أنها تعهدت بحفظ أوراق وثبوتات المُسنّة خشية فقدها لها, كما شدّدت على أهمية أن تحظى بالرعاية الطبية والنفسية وضرورة تدخل أمير منطقة مكة المكرّمة الأمير خالد الفيصل، شخصياً لوقف مسلسل عقوق أبنائها لها الذين قالت عنهم إنهم لا يتذكرونها إلا أثناء نزول مُساعدات الضمان الاجتماعي حتى إذا ما حصلوا عليها غادروها وكأنها لا تعنيهم شيئاً, الأمر الذي جعلها تعيش هذه المعيشة الصعبة داخل منزل أشبه بالخرابة وهي تعتصر الجوع وتبكي من شدة العطش، بل إن لباسها الذي عليها مضى عليه عامٌ وهي ترتديه لعدم وجود لباسٍ آخر لها، كما أنها تسير منذُ سنوات على قدميها حافية. وأوضحت أنها كانت فيما مضى تصرف على نفسها من خلال تجميع علب المشروبات الغازية وبيعها غير أنه مع كبر سنها لم تعد تقدر على مواصلة ذلك العمل.