قدّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس تنازلاً نادراً وإن كان رمزياً لإسرائيل، يوم الخميس، عندما قال إنه ليس له حقٌ دائمٌ في المطالبة بالعودة إلى البلدة التي طُرد منها وهو طفلٌ في أثناء حرب 1948 التي قامت نتيجة لها إسرائيل. ومن بين النزاعات التي تعرقل محادثات السلام في الشرق الاوسط مطلب الفلسطينيين بمنح نحو خمسة ملايين فلسطيني حق العودة لأراض في إسرائيل خسروها هم أو أقاربهم. وتستبعد إسرائيل هذا خوفاً من تدفق فلسطيني يقضي على الأغلبية اليهودية وتقول انه ينبغي إعادة توطين اللاجئين في دولة فلسطينية مستقبلية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهي الاراضي التي احتلتها في حرب عام 1967. وسُئل عباس الذي كان يتحدث إلى نشرة الأخبار بالتلفزيون الإسرائيلي التي تتمتع بأكبر نسبة مشاهدة عمّا إذا كان يريد أن يعيش في صفد وهي البلدة التي عاش فيها طفولته في منطقة الجليل عندما كانت فلسطين تخضع للانتداب البريطاني. وقال عباس للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي متحدثا بالإنجليزية من مدينة رام الله في الضفة الغربية "لقد زرت صفد مرة من قبل. لكنني أريد أن أرى صفد. من حقي أن أراها .. لا أن أعيش فيها". وأضاف "فلسطين الآن في نظري هي حدود 67 والقدسالشرقية عاصمة لها. هذا هو (الوضع) الآن وإلى الأبد... هذه هي فلسطين في نظري. إنني لاجئ لكنني أعيش في رام الله. أعتقد أن الضفة الغربيةوغزة هي فلسطين والأجزاء الأخرى هي إسرائيل". وتحدّى عباس إسرائيل والولايات المتحدة بالتخطيط لتقديم طلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفع تمثيل الفلسطينيين إلى دولة غير عضو. وفي مواجهة عقوبات محتملة إسرائيلية وأمريكية وعد عباس بالعودة فوراً إلى محادثات السلام بعد التصويت في الأممالمتحدة الذي من المرجح أن يفوز الفلسطينيون فيه. والتصريحات التي أذاعها التلفزيون والتي قُوبلت بانتقادات شديدة من جانب معارضي عباس الإسلاميين تهدف فيما يبدو للتأثير في الإسرائيليين قبل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي ستجري يوم 22 من يناير كانون الثاني. وعبّر بعض مسؤولي حكومة نتنياهو عن شكوكهم بشأن قدرة عباس على إبرام اتفاق سلام بعد أن فقد السيطرة على غزة التي انسحبت منها إسرائيل عام 2005 واصبحت تحت سيطرة حماس. وسعى عباس في حديثه للقناة الثانية إلى التأكيد على سيطرته على الأمن في المناطق التي يديرها الفلسطينيون في الضفة الغربية قائلاً إنه ما دام في السلطة "لن تكون هناك أبداً انتفاضة مسلحة ثالثة (ضد إسرائيل) ". وقال "لا نريد أن نستخدم الإرهاب. لا نريد أن نستخدم القوة. لا نريد أن نستخدم الأسلحة. نريد أن نستخدم الدبلوماسية. نريد أن نستخدم السياسة. نريد أن نستخدم المفاوضات. نريد أن نستخدم المقاومة السلمية". ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مكتب نتنياهو على تصريحات عباس. وقال بول هيرشسون المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إن المسؤولية مازالت تقع على عاتق عباس للعودة إلى المفاوضات. وأضاف "إذا كان يريد أن يرى صفد أو أي مكان آخر في إسرائيل فإنه فيما يتعلق بذلك سيسعدنا أن نريه أي مكان. لكن يجب أن تكون هناك رغبة في المضي قدماً في عملية السلام". وأضاف أنه نظراً لأن عباس ليس مواطناً إسرائيلياً "فإنه ليس له الحق في أن يعيش في إسرائيل. نحن نتفق على هذا". وفي غزة ندّدت "حماس" بعباس قائلة إنه يتحدث نيابة عن نفسه فقط. ولا تعترف الحركة الإسلامية بإسرائيل. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم "حماس" إنه لن يقبل أي فلسطيني التنازل عن حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وقراهم وبلداتهم التي نزحوا منها. وأضاف أنه إذا كان أبو مازن (عباس) لا يريد صفد فإن صفد سيشرّفها ألا تستقبل أمثاله.