لم تسع الفرحة الحاج اليمني فرج عوض حميدان (64 عاماً)، حالما وطئت قدماه ثرى مكة المكرّمة الطاهر إيذاناً بدنوه في تحقيقه حُلم عمره الذي انتظره طويلاً بأداء حجته اليتيمة, حتى خرّ ساجداً لله ولسانه لم يكف عن الدعاء والتوسل لله بأن يُعينه على أداء حجته وتقبُلها منه. وقال الحاج اليمني المُسِن ل "سبق" وقد اغرورقت عيناه بدموع فرحة بلوغه الديار المقدسة: "يا رب احفظ لي أبنائي، وأجزهم عني خير الجزاء وبارك لهم في ذرياتهم ولا تحرمهم أجر تحجيجهم لي", مُشيراً إلى أنه منذُ نحو 3 سنوات تقريباً بدأت حالته النفسية تسوء، نتيجة خشيته أن تأتيه المنية وهو لم يحقق حُلمه في أدائه فريضة الحج, وكان كثيراً ما يجهش بالبكاء كلما شاهد الحرم عبر التلفاز، وهو الأمر الذي كان له وقع مُحزن في نفوس أبنائه الأربعة، الذين لا عمل لهم سوى صيد الأسماك وبيعها بالسوق وعلى المحال التجارية. وأكد أنهم قطعوا عهداً على أنفسهم من أجل إسعاده، بمُضاعفتهم ساعات عملهم في صيد السمك، "فكانت تنطوي عليهم الأيام والليالي وهم مُتغيبون عن منازلهم وزوجاتهم وأبنائهم، لأجل اصطياد أكبر كمية ممكنة من الأسماك وبيعها لتجميع المبلغ الذي سيمكنني من أداء الشعيرة المُباركة". ثم صمت الحاج اليمني فرج عوض برهة من الوقت، ليكفكف دموعه، ثم يواصل حديثه قائلاً: "بعد انقضاء شهر رمضان الماضي، دخل علي أبنائي وكانت ابتساماتهم لن أنساها في غاية الجمال تملأ وجوههم الجميلة، حتى إذا ما وصلوا إليّ قاموا باحتضاني وتقبيل يدي وقدماي، وأبلغوني بعدها أنهم نجحوا بفضلٍ من الله في تأمين مبلغ مالي سيكفيني ووالدتهم أداء فريضة حج هذا العام". ويقول الحاج اليمني لحظتها إن الفرحة لم تسعه، مُبيناً أن الأيام والليالي التي مرت عليه قبل وصوله لمكة كانت ثقيلة عليه لم يشهد مثيلاً لها في حياته كلها، حتى حانت لحظة وصولة إلى الديار المقدسة. واختتم حديثه بقوله: "مكة أجمل بكثير على أرض الواقع، ولها هيبة لا يقوى أحد على تحمُّلها تخر أمامها القلوب المتحجرة، فكيف هو حال المتعطشة لرؤياها والتنعم بأجوائها الروحانية والتكحل بقدسيتها.. يا ابني والله أغبطكم على هذه النعمة وعلى هذه القيادة المباركة التي تنفق بسخاء خدمةً وبشرف في العناية ببيت الله ومسجد رسوله وراحة الحجاج والمعتمرين".