كثيرةٌ تلك المشاهد التي رصدتها عدسة “شمس” بين صفوف أفواج ضيوف الرحمن وهم يسابقون الخطى للوقوف بالمشاعر الطاهرة، وكان من بينها مشهد حاج من كازاخستان، 68 عاما، اغرورقت عيونه بالدموع عندما أراد أن يأخذ قسطا من الراحة من على مشارف مشعر منى قُبيل مواصلة رحلة السير نحو تحقيق الحلم الذي انتظره بأداء الفريضة. حكى الحاج قصته التي استرجع فيها جانبا من حياته الخاصة عن ابنته الوحيدة التي كانت سببا في تحقيقه لحلم حياته الأوحد بأن يصل لهذه الأماكن الطاهرة ويؤدي مع إخوانه المسلمين نسك حجته الأولى، وذلك حينما وافقت على الزواج من شخص لم تكن لترضاه شريكا لها لولا برها بوالدها وتذليل كافة المصاعب المادية أمامه من أجل أدائه نسك الفريضة بعد أن أصبح شيخا هرما غطى الشيب رأسه وملأت التجاعيد جسده. قال الحاج الكازاخي دانيال خان إنه منذ أن وطئت قدماه أرض الحرمين الشريفين ولسانه يلهث لابنته بالدعاء وهو يسأل الله أن يعوضها خيرا من جراء ما قدمته من تضحيات حتى على حساب سعادتها الشخصية، ولفت الحاج خان إلى أنه يشعر بداخله بمشاعر هبطت عليه فجأة وهو يسير صوب المشاعر المقدسة ممزوجة بفرحة عارمة، ولكنه ما لبث أن سقط مغشيا عليه إثر موجة شديدة انتابته من البكاء ثم عاد للملمة قواه إيذانا بمواصلة المسير نحو حلم العمر ولسانه يردد “الله أكبر ربي، تقبل مني وجاز ابنتي عني خير الجزاء ويسّر أمرها، وبارك لها في حياتها”، ثم بدأت خطواته استئناف المسير صوب منى ملبيا ومكبرا ومهللا.