صدرت للروائي السعودي محمد الشمراني روايتان يتوقع أن تثيرا كثيراً من الجدل كونهما تمسان جوانب مهمة جداً في الساحة الثقافية السعودية وتدخلان في إطار استخدام الرواية في المعارك الفكرية التي تخوضها التيارات الثقافية المتنوعة. وستكون الروايتان متوافرتين في معرض البحرين للكتاب الأسبوع القادم، وكذلك في بقية معارض الكتاب الأخرى في جناح الشبكة العربية للأبحاث والنشر. وتحكي رواية "أميرة 2" التي فازت بمسابقة مجلة البيان الشهيرة عام 2007، قصة فتاة عراقية مقاومة للاحتلال الأمريكي، وأدت ظروف تتعلق بالنشر إلى تأخر طبعها لثلاث سنوات. ويقول الشمراني عن ذلك: "تأخر صدور الرواية ثلاث سنوات بسبب حجج لم يكن لي إزاءها حول ولا قوة". وتبدو الرواية مشوقة نظراً لأحداثها الدراماتيكية بجانب بعض المشاهد البشعة التي يعانيها المدنيون وقت الحروب، حيث يصور الشمراني ذلك في فاتحة روايته: "كانوا شبه عراةٍ إلا من يَسيرِ لباسٍ يستر سوأتهم، قُتلوا جميعاً بنفس الطريقة؛ طلقةٌ في داخل تجويف العين اليسرى، وأخرى فوق السُّرة بقليل. آثار التعذيب الوحشي تظهر على أجسادهم، كدماتٌ زرقاء، وبقايا حروقٍ ظاهرة، وجراحٌ لم تلتئم بعد.. لابد وأنهم قد عانوا كثيراً حتى فارقوا الحياة! اقترب من الجثث.. لم تكد تحمله قدماه، نظر إليهم نظرةَ حزن ووجل، لم ير في حياته مشهداً كهذا، هؤلاء الشباب.. يعرفهم، ويعرف كل تفاصيل حياتهم، لم يكونوا يستحقون الموت بهذه الطريقة البشعة! لاحظَ أن أحدهم وُضع بطريقة مقصودة؛ رِجلاه مربوطتان بباب الجامع، وجذعه مُنكسٌ نحو الأرض، وقد تراءت سوءَته، اتجه نحوه، جحظت عيناه، بادر بستر عورته، وجد رسالةً موثقة على بطنه العاري، يداه ترتعشان من هول ما يراه، تناول الرسالة.. وفؤاده هواء، كُتب عليها بخط عربي مبين: "هكذا نتسلى بمن يؤذينا.. 24 ساعة أمامكم لتسليم كلابكم المسعورة !") . ومن عنوان رواية زوار السفارات بجانب المقدمة التي كتبها الباحث الشرعي إبراهيم السكران يتضح أن الرواية موجهة توجيهاً فكرياً قوياً تجاه التيار الليبرالي السعودي يفتح من خلالها الشمراني قضية قديمة قتلت نقاشاً وبحثاً في الصحف السعودية والمواقع الإلكترونية "قضية زوار السفارات" وما أعلنته الكاتبة السعودية حصة العون عن تقديم إحدى السفارات الغربية قروضاً ومساعدات مالية مقابل أن تكتب في اتجاه معين إلا أنها رفضت وشنت حملة قوية في هذا الإطار. ويعتبر تقديم الباحث إبراهيم السكران للرواية جزءاً من تداخل الجانب الشرعي في الجانب الأدبي فيقول السكران في تقديم الرواية "هذه الرواية هي أول عمل سردي سعودي حاول جمع الخيوط واكتشاف العلاقات الغامضة الشيء وأنا متأكد من أن العمل سيربك الخطة تماماً". ويشكك السكران مقدم الرواية في عبطية وخيالية العمل الروائي الذي كتبه الشمراني ويقول: (هل نحن يا ترى أمام أحداث اعتباطية تجري هكذا أم أن هناك تنظيماً وهل نحن أمام كتاب صحافة أم أننا أمام بيادق تفهم الإشارات وتتحرك طبقاً لها؟"، مما يعطي انطباعاً أمام القارئ أن ما يحكى في الرواية ماهو سوى واقع. ويبرز الشمراني في زوار السفارات مواقفاً تظهر أنها حقيقية ووقعت فعلاً داخل المجتمع السعودي ويربطها بمواقف فكرية لكتاب معروفين، ويظهر ذلك من خلال اقتباساته مع بداية كل فصل لأحد الكتاب بطريقة لافتة تربط بين فكرة الكاتب في الاقتباس وأحداث الرواية. ويلتقط الشمراني صوراً لحالات تمرد على الواقع الديني والمجتمعي الأخلاقي، كما أنه يستعين ببعض ما نشر في الإنترنت فيما يسمى "المنتديات الليبرالية" ويوظفها بطريقته الروائية التي تبدو مشوقة. كما أن "زوار السفارات" تعتبر رواية في خط الروايات التي تراشقت بها التيارات الفكرية خلال الفترة السابقة وتعمد كل روائي أن ينتقد أفكار مخالفيه وتصرفاتهم من خلال عمل أدبي.