حملت المقالات الأخيرة لفقيد الإعلام السعودي، الراحل سليمان العيسى - رحمه الله -، الكثير من المواعظ التي طالب فيها بتذكُّر الموتى، والدعاء لهم بالمغفرة، وتذكُّر البؤساء والمعوزين ومساعدتهم، وتذكُّر المرضى والتخفيف عنهم أيام الأعياد. وقال العيسى في ختام آخر مقالاته، التي نشرتها الزميلة "عكاظ" في زاوية الكاتب الشهر الماضي: "يا قوم.. حافظوا على عادات وطنكم وصونوها من الضياع، وامنحوها فيض مشاعركم، ترضون بها نفوسكم، وتُجمِّلون بها حياتكم، وتحيون بها ذكراكم بعد رحيلكم". وفيما يأتي نص المقالة الأخيرة للراحل سليمان العيسى: منذ اليومَيْن الأخيرَيْن من شهر رمضان المبارك، وخلال أيام العيد، يتبادل الناس التهاني باليد عبر رسائل الجوال عوضاً عن الزيارات المتبادلة والمشاهدة والسلام.. وهو أمر مؤسف، ويدعو للغرابة فعلاً. إن التهاني برسائل الجوال لا تحمل إحساساً ولا شعوراً بالمحبة والتواصل والبر والتقارب؛ فلا الإخوان يتصافحون، ولا الأهل يتبادلون التهاني بالزيارات المتبادلة ومشاهدة العين للعين والابتسامات الصادقة.. فهل نحن ألغينا من حياتنا مظاهر العيد بفرحته وبشره وسروره وصفاء نفوس من يعيشون بهجته؟ واستبدلنا بها رسائل نصية تحملها جوالاتنا إلى القريب والبعيد دون عناق محبة وتصافح تواصل؟!.. إن المجتمع السعودي يمتاز بخصائص فريدة غير المجتمعات خارج حدودنا.. وزيارات الأهل والأحباب والأصدقاء في مناسبات الفرح في الأعياد والأفراح الأخرى، كالميلاد والزواج، تعطي صورة زاهية لما يميز مجتمعنا من ترابط ومودة وتواصل وبر.. ويتبقى علينا جميعاً التمسك بهذه العادات؛ لأنها تزيدنا محبة وسروراً.. وإذا كان الجوال قد أثر ونفع كثيراً في جوانب حياتنا الأخرى إلا أنه لا ينبغي أن يكون وسيلة تبادل تهاني بعضنا لبعض؛ فمن تراه أمامك بسروره وفرحه وسعادته بلقياك غير من تبعث له برسالة نصية، لا روح فيها ولا إحساس. يا قوم.. حافظوا على عادات وطنكم، وصونوها من الضياع، وامنحوها فيض مشاعركم، ترضون بها نفوسكم، وتُجمّلون بها حياتكم، وتحيون بها ذكراكم بعد رحيلكم.