انطلق منذ ثلاثة أسابيع موسم صيد الصقور بمركز المجيرمة (30 كلم شمال محافظة الليث) الذي يستمر لمدة شهرين. وبدأ الصقارون في نصب خيامهم وإعداد العدة تجهيزاً لموسم حافل بقنص أفضل الصقور الحرة. ويتهافت الصقارون من موقع لآخر لملاحقة الصقور الحرة رغبة منهم في اصطيادها؛ للحصول على الغنيمة الأكبر وهي قيمتها التي تصل أحياناً إلى نصف مليون ريال. والخيام المنتشرة في موقع المقناص الممتد من محافظة جدة إلى محافظة الليث على امتداد ساحل البحر الأحمر تتمركز فيها مخيمات هواة الصقور التي تتجاوز أكثر من 30 مخيماً يجتمع في كل واحد منها جماعة من الناس يعدون عدتهم ويعقدون مشورتهم ثم ينطلقون في الأرض بحثاً عن الصقور. وتتكون عدة القناص من الشبكة والطعم الذي يقدم للطير للإمساك به. ويبدأ موعد القنص من الساعة السادسة فجراً وحتى السادسة مساء على مدار 12 ساعة متواصلة تتخللها استراحة لتناول وجبتي الإفطار والغداء. وتوجد أنواع عدة من الصقور مثل الأحرار والشياهين، فالأحرار تنقسم إلى قسمين قرناس حر وفرخ حر، منها التام ومنها المثلوث، وتختلف في السعر واللون والعمر. والشياهين أيضاً نوعان الفرخ والقرناسة، فالفرخ منه التام والمثلوث والقرناسة التام والمثلوث. وتختلف الشياهين بحسب بيئتها التي تعيش فيها مثل الجبلية التي تعيش في الجبال والبحرية التي تعيش في البحار. والقرناس الحر وهو حسب اللون ودقة الريش والعمر وهذا النوع نادر وجوده في المملكة وإن وجد فمن الصعب الإمساك به إلا بشق الأنفس حيث تصل قيمته لأكثر من 400 ألف ريال. أما أشهر أماكن قنص الصقور، فهي صبخة الملك خالد "رحمه الله" ، وصبخة بن شحاد، والشجعة، ومركز الشيخ مرخات، ومرخ، والرزان، وعبيدات، والمطالي، ودحلة كشران، والسويقية، والمجنونة، والدوج، وجدعانة، والسمير، والمملحة. ومن أشهر الصقارين، ابن العود وأبو مرزوق وأبو سنان الجحدلي وعاشق الحوم والموج وأبو الليالي وسر الليل وحسن 8. وعند حصول أحد الصقارين على طير، فإنه يقوم بتشغيل إنارة سيارته دلالة على أنه هو أول مَن شاهده ويجب عليه عدم تسميته من أجل ألا يكون كما وصفه، لكنه يقوم برمي (الزريق) له وهو طير من أي نوع سواء كان حماماً أو سماناً أو قطواً ويكون ملبوساً بشبكة. وإن وقع فيها الصقر تم الإمساك به وإن لم يقع يقوم بطلب المساعدة من هواة الصيد الموجودين في حدود منطقة الصيد سواء كان يعرفهم أم لا عن طريق النداء من خلال استخدام جهاز لا سلكي (أي كوم). ويتقدم لقنصه هو إن كان من القناصة المهرة وإلا يتركه لغيره ليقوم باصطياده نيابة عنه، لكنه يبقى ملكه حيث يتسلمه بعد القبض عليه. ويقوم عند محاولة قنصه بمتابعته لمسافات طويلة تتجاوز عشرات الكيلو مترات وإن صعب عليه ذلك ودخل وقت الظلام فإنه يستخدم ما يعرف ب "التسمية" وهو أن يتابع الطير حتى يقع ثم يقترب منه مستخدماً الكشاف ويسلط الضوء باتجاهه. وفي الوقت نفسه يكون معه شخص آخر يمشي بجواره في الظلام ويحمل معه ما يسمى "الخداجة" وهي أشبه بالشبكة حيث يقوم برميها عليه من مسافة بعيدة ويتم الإمساك به. وعندها يقوم الصياد بضف الطير أي ضمه بجناحيه ثم تمهيده وتلبيسه المهادة ثم البرقع ثم التسبيف - وهو وضع القيد في قدميه - ثم يقوم برشه بالماء حتى يهدأ الطير، ثم يوضع على الوكر. ويزف القناص طيره بعد الإمساك به إلى المخيم الذي ينتمي له لتحديد موعد الحراج وموقعه، بينما طير القرناس التام، إن وجد وأمسك به، فيقوم صاحبه بزفه في موكب كبير أشبه بمواكب الأعراس. ويقوم صاحب الطير بالإعداد لمرحلة البيع حيث يقوم بتحديد موقع الحراج والوقت الزمني لذلك عن طريق الجهاز (أي كوم). ويتواجد بحراج بيع الصقور عدد من هواة الصقور من أصحاب السمو وغيرهم من المواطنين القادمين من جميع مناطق المملكة. ويتواجد أحياناً بعض الإخوة الخليجيين القادمين من الكويت والبحرين والإمارات لشراء الصقور التي يتم اصطيادها. ونادراً ما تحدث بعض الخلافات بين الصقارين وإن وجدت فإنها تحل في وقتها، فمثلاً عند التقاء مواطنين اثنين أو أكثر عند أحد الطيور وكل واحد منهم قام بتشغيل إنارة سيارته فإنه يطلب منهم عدم الإمساك به، بل يكلف غيرهم من ذوي الخبرة بالقيام بذلك بدلاً منهم ويتم اصطحابهم للمخيم الذي ينتمون إليه والحكم بينهم بما يرضي جميع الأطراف.