أكد عدد من الخبراء السياسيين والاستراتيجيين ل «عكاظ» أن التراجع الأمريكي الأخير أمام المقترح الروسي جاء بسبب ضغوط داخلية أمريكية وخاصة من جانب الكونجرس، والخوف من تكرار سيناريو العراق وأفغانستان، مع المطالبة بحل سياسي يوقف نزيف الدم من كل الأسلحة وليس السلاح الكيماوي وحده، وقال الدكتور سامي عبد الواحد الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهر ل «عكاظ» إن هناك أكثر من سبب وراء التراجع الأمريكي وإعطاء مهلة للأسد تلو المهلة أبرزها أن أوباما لم يستطع أن يسوق الضربة للشعب الأمريكي الذي يرفض التورط فى حرب يراها أنها نسخة ثالثة لسيناريو العراق وافغانستان، وأن أوباما لم يستطع أن يقنع الرأى العام الأمريكي بأن الضربة محدودة وتتسم بطابع عقابي أكثر منها حربا طويلة المدى، لافتا إلى أن ىخر استطلاع للرأي الأمريكي أظهر معارضة 63% من الشعب الأمريكي لتوجيه أي ضربة لسوريا وأن 19 % فقط هم من أيدوا ذلك، وهذا انعكس على مواقف أعضاء الكونجرس الذي كشف في الاستطلاع أن أوباما لن يحصل على موافقته لو جرى التصويت أمس الأربعاء رغم إجراء أوباما 6 مقابلات تلفزيونية مساء الاثنين الماضي لم تغير من موقف الرأي العام الأمريكي، وأشار الدكتور عبد الواحد إلى أن معارضة مجلس العموم البريطاني للضربة كان لها تأثير كبير، بالاضافة إلى أن اجتماع دول الاتحاد الأوروبي الأخير فى ليتوانيا لم يؤيد توجيه ضربة رغم إدانته لاستخدام الأسد الأسلحة الكيماوية، وأن الاتحاد الأوروبي طالب بأن يكون أي تحرك من خلال الأممالمتحدة، وأن يتم الانتظار حتى قرار المفتشين الدوليين، وهو ما أجبر الرئيس الفرنسي للدعوة لانتظار تقرير المفتشين الدوليين رغم أنه كان متحمساً للغاية فى البداية لتوجيه ضربة عقابية للأسد، لافتا إلى أن اجتماع لجنة العشرين الأخير فى سان بطرسبرج شهد انقساماً واضحاً فى المجتمع الدولى حول الضربة الأمريكية على سوريا. من جانبه، قال الدكتور لواء سيد محفوظ الخبير الاستراتيجي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا أن الحسابات العسكرية تقول إن ما تستطيع أن تنجزه بلا حرب ومن خلال الدبلوماسية أفضل بكثير من التورط فى الحروب، وقال بالفعل هناك جرائم أخرى فى سوريا بغير السلاح الكيماوي لكن مجرد الضغط السياسي وإجبار الأسد على التخلي عن الأسلحة الكيماوية بدون حرب هذا انتصار للدبلوماسية العالمية، وانتصار للمجتمع الدولي الذي يجرد الأسد من سلاح هام كان يقلق العالم وهو السلاح الكيماوي، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ومعهما إسرائيل يعتقدون أن تجريد الأسد من السلاح الكيماوي بدون إطلاق أي صاروخ كروز أو توماهوك يؤكد أن الضغوط السياسية والحشد الدولي ستستمر حتى تتوقف الحرب بشكل نهائي فى سوريا، داعيا فى الوقت ذاته إلى استغلال الحراك السياسي الحالى حتى يصدر مجلس الأمن قرارا ملزما يستند للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بوقف إطلاق النار، مع توفير آلية لتطبيق وقف إطلاق النار، وفتح الباب لتوصيل المساعدات الإنسانية وصولا لحل سياسي شامل يستند على مقررات جنيف الأولى. بدوره، دعا اللواء ممدوح الشحات الخبير الاستراتيجي إلى استغلال قبول الأسد للمبادرة الروسية لفرض حزمة من الشروط الدولية لوقف إطلاق النار بشكل كامل من خلال الأممالمتحدة والفصل السابع حتى يتم إجبار الأسد على القبول بالحل السياسي الكامل وليس المراوغة والخروج من الضربة المتوقعة، مؤكدا أن العالم جاد للغاية فى توجيه الضربة إذا ثبت أن الأسد يراوغ المجتمع الدولي، مشددا على أن الوضع الداخلي في الولاياتالمتحدة لو تحسن لصالح توجيه الضربه سيحسم الأمر، مرجعا التراخي والتردد الأمريكي إلى عدم اقتناع الرأي العام الأمريكي بتوجيه الضربة لسوريا. وأكد الدكتور جمال زهران أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أن التراجع الأمريكي عن شن ضربة ضد سوريا يأتي لحفظ ماء الوجه وذلك لأن الضربة العسكرية تواجه تعثرا في مجلس الأمن ورفضا من قطاعات ليست صغيرة من الشعب الأمريكي، وقال كما تخشى الولاياتالمتحدة أن يطال رد الفعل الجانب الإسرائيلي فى عواقب وتداعيات لا تحمد عقباها، وفسر زهران تراخي المجتمع الدولي عن معاقبة نظام الأسد بأن بعض الدول ترى أنه شأن داخلي سوري وترجح الحل السلمي عن الحل العسكري وهي تلك الدول ذات المصالح المشتركة مع النظام السوري والحريصة على إبقاء الحال على ما هو عليه لما فيه من استقرار للمنطقة ولمصالحها الاستراتيجية فضلا عن كونها فاعلا أساسيا في المنظمات الدولية كمجلس الأمن وتستخدمه كأداة لخدمة مصالحها.