أثبتت تجارب ماضية قدرة الشائعة على ترسيخ مفاهيم خاطئة بنيت على معلومات مختلقة، ولعل حادثة «ماكينات سينجر» وتهافت أعداد ليست بالهينة لبيعها في الحراج، بعد أن لاقت معلومة تشير إلى احتوائها على مادة الزئبق «الأحمر» رواجاً كبيراً بين أوساط مجتمعية، دليل يستشهد به المختصون في علم الاجتماع. ويبدو أن معلومات لا بأس بها باتت راسخة في ذاكرة السعوديين في الأحداث الاقتصادية والسياسية، على رغم أنها لا تعدو كونها شائعة استغلت السياق لتجد لها موطئ قدم في عقول الكثير، حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت مكتظة بالشائعات اليومية، والأخبار غير الصحيحة، الأمر الذي دفع هيئة التحقيق والادعاء العام للتغريد في حسابها الرسمي ب«تويتر» بأن إنتاج أو إرسال الشائعات «التي من شأنها المساس بالنظام العام جريمة تصل عقوبتها للسجن خمس سنوات وغرامة ثلاثة ملايين ريال». ومن خلال المشاركة النشطة للسعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي ظهر حساب متخصص في تفنيد الشائعات أسسه صحفي سعودي متخصص في هندسة الشبكات، ويتابعه قرابة 692 ألف مغرد، وبات الحساب عند المستخدمين العرب وجهة لتفكيك الشائعات وإظهار زيفها. ويعمل الشاب ريان عادل على تفنيد الشائعات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، التي عادة ما يشكل موقع «تويتر» و«واتساب» بيئة خصبة لها. يقول ريان عادل صحفي ومهندس شبكات متخرج من جامعة الملك عبدالعزيز: إن بداية المشروع كانت بوسم «#لا_للإشاعات» كاجتهاد شخصي منه، وأن نقطة الانطلاق كانت لصور مزيفة عن قضية بورما، و«بدأت فيه من خلال حسابي وتكونت الفكرة ودرستها وقررت بعدها بدء مشروع باسم هيئة مكافحة الإشاعات في سبتمبر 2012 وبكل تأكيد هو مشروع محايد وغير حكومي ولا يتبع لأي جهة رسمية». وأشار إلى أن المشروع حاليا يتكون من مجموعة متخصصة في مجالات عدة في السعودية ودول عربية منها سلطنة عمان وليبيا والمغرب والكويت واليمن، لافتاً إلى أن المجموعة لا تسعى إلى الشهرة بقدر أنها تحدث التغيير الإيجابي بالمجتمع، إضافة إلى أن كل من يشارك من خلال هاشتاق المشروع ( #لا_للإشاعات) أو بالمنشن أو بدعم مباشر أو غير مباشر يعتبر من المساهمين فيه. ويؤكد أن مشروعه ليس مجرد «حساب»، وإنما مشروع متكامل، يحتوي على عدة منصات «موقع رسمي وحساب موثق في تويتر وأرقام تواصل عبر الواتساب والتيلغرام وحساب في جميع شبكات التواصل»، مشيراً إلى أن الاتصال مع الجهات الرسمية ينحصر في دعوات التكريم أو المشاركة في المؤتمرات أو لعمل حملات تثقيفية. ويرى أن أي مشروع كبير ومتسارع النمو يحتاج دعما مباشرا أو غير مباشر لاستمراره، خصوصا أننا لا نعتمد على الإعلانات ونرفض أغلب العروض الكبيرة التي وصلتنا لنشرها على موقعنا وحساباتنا.