تعتب الأستاذة عبير الفوزان على أولئك الذين يتلقون هدايا الكتب من مؤلفيها ثم يبيعونها على محلات بيع الكتب المستعملة وبعضها لما يزل مسطرا عليه إهداءات المؤلفين لهم! تظهر في عبارة الكاتبة مرارة ممزوجة بالسخرية من أولئك الذين لا يقدّرون قيمة الكتاب ولا يحترمون الصداقة فيطوحون بما يهديه إليهم أصدقاؤهم من الكتب بعيدا عنهم غير آسفين عليها، ولذلك هي تقول إنها قررت في داخلها أن لا تهدي كتابا لأحد مطلقا. وجدتني أهمس لنفسي، ونعم القرار اتخذت، فحين يتخلص المهدى إليه من كتاب أهدي له، فإنه ليس الملوم، الملوم هو المؤلف الذي يهدي كتابه لكل من يعرف، حتى وإن كان لا رابط يربطه بمحتوى الكتاب. هناك كتب ذات مواضيع ثقيلة يراها بعض الناس مملة، وهناك كتب بعيدة عن مجال الاهتمام، وهناك كتب موغلة في التخصص العلمي، وهناك كتب (تافهة) الموضوع، وهناك كتب (ضعيفة) المحتوى، لكن العامل المشترك بينها جميعا هو أن مؤلفيها يغلب على ظنهم أن كتبهم قيمة تستحق القراءة، فيبادرون إلى إهدائها لأصدقائهم دون أن يعتريهم شك في مستوى جودتها، أو أن يأخذوا بعين الاعتبار ملاءمة محتواها لمن يهدونها له. ولا أظن أن هذا يغيب عن ذهن كاتبة المقال لكنها تتوقع من المهدى إليه أن يحتفظ بالكتاب من قبيل (المجاملة)، وإن كنت في الواقع لا أرى فرقا بين أن يعرض الكتاب في محل بيع الكتب المستعملة، أو أن يبقى مدفونا في كرتون يغطيه الغبار في مخزن مملوء بالأغراض المهملة، بل ربما كان عرضه في المحل أجدى حيث يتوقع أن يقتنيه من يعرف قيمته إن كانت له قيمة حقا. وإذا كان هذا الحال مع الكتب التي تهدى (عشوائيا) إلى الأصدقاء، فماذا نقول عن الكتب التي تهدى إلى غير الأصدقاء، للمكانة الاجتماعية أو العلمية أو غير ذلك؟ فبعض الكتب يهديها مؤلفوها تقربا، وبعضها تهدى ابتغاء الانتشار، وبعضها تهدى طلبا للتلذذ بسماع أو قراءة عبارات الثناء عليها. وهنا لا يملك المهدى إليه سوى أن يتلقى الهدية شاكرا، ولكن ماذا بعد ذلك عندما تفيض رفوف مكتبته بكتب لا يقرأها لأنه لم يخترها أصلا وإنما فرضت عليه فرضا؟