يبدو أن رسالة باراك أوباما التحذيرية إلى الكونغرس والتي حملت رفضه لقانون «مقاضاة السعودية» المشبوه المعروف باسم «جاستا»، بدأت تؤتي ثمارها، إذ تكشف المعلومات الواردة في عدد من وسائل الإعلام الأمريكية أن ثمة توجها داخل الكونغرس إلى تعديل موقفه بشأن «قانون العدالة ضد الإرهاب» في أعقاب الانتقادات المتزايدة داخليا وخارجيا لهذا التشريع المعيب الذي وصفه خبير قانوني بأنه «انقلاب قانوني عالمي». ويجيء تعديل عدد من أعضاء الكونغرس لمواقفهم من القانون المثير للجدل على خلفية الضغوط الخارجية والانتقادات الحادة التي وجهت للقانون، وإصرار الرئيس الأمريكي على موقفه الرافض للقانون عبر ما وصف ب«الخطة المزدوجة» لوقف مؤيّدي مشروع القانون عبر التأكيد على أنه بمثابة «خرق سياسي» ضد الديمقراطيين قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية، وأن هناك ثغرة قانونية في المشروع تسمح للإدارة الأمريكية بمنع محاكمات عن مسؤولين حكوميين حول العالم. كما أن أوباما حذر في رسالة التعطيل من أن القانون لن يقدّم حماية للأمريكيين من الهجمات الإرهابية ولا يعزّز من قدرة الحكومة على الرد في حال وقوع هجوم إرهابي. وإذا كان من حق أمريكا أن لا تنسى آلام وهموم ضحاياها الأبرياء وعائلاتهم، إلا أنه وكما يقول أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بكلية حقوق الإسكندرية الدكتور سليمان عبد المنعم في مقال نشره موقع «سي إن إن»، إنه ليس من حق الكونغرس الانصياع إلى ضغوط وجماعات المصالح التي تسعى للابتزاز ولو كان الثمن القيام بانقلاب قانوني عالمي ربما ترتد نتائجه يوماً إلى أمريكا نفسها. وفيما يعقد مجلس الشيوخ اليوم «الأربعاء» جلسة للتصويت على نقض أوباما للقانون، فإن إلغاء نقض الرئيس يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس من مجلسي النواب والشيوخ، ورغم سيطرة الجمهوريين على المجلسين، إلا أن مراقبين يستبعدون إمكان كسر الفيتو الرئاسي في ضوء المعلومات والتحذيرات التي تضمنتها رسالة أوباما، خصوصا لجهة تطبيقه على عسكريين ومسؤولين أمريكيين. ورغم وجود ديموقراطيين أيضا يدعمون المشروع، إلا أن عددا من أعضاء المجلس - وحسب تقرير نشرته «العربية نت» أمس الأول- بدأوا يظهرون تراجعاً، إذ دعا رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب ماك ثورنبيري في رسالة إلى زملائه إلى ضرورة أن نأخذ وقتاً للنظر بعناية إلى مضمون القانون. من جهته، أعلنت عضو مجلس الشيوخ ورئيس لجنة الاستخبارات من كاليفورنيا السيناتور دايان فاينستين، أنها تفكّر في الأمر مرة أخرى، محذرة من أن كسر «الفيتو الرئاسي» ستكون له مضاعفات عدة. ولفت عضو مجلس الشيوخ من ميرلاند بن كاردين إلى بند سيادة الدول الذي يخرقه القانون، مؤكدا أنه سينظر بعناية إلى حجج الرئيس بعد ما رفض توقيع القانون، وعبر السيناتور جيف فلايك من ولاية أريزونا عن انفتاحه على سماع الاعتراضات.