حين يمر اسم ثريا قابل يزرع حول أسماعنا هالة من الحكايات والأحاديث في عوالم الفن والكلمة وصناعة الإبداع، فتتجه بنا البوصلة إلى الحجاز بتاريخه العميق وفنونه المختلفة، حيث صوت جدة وحديثها الذي ارتحل عاليا في سماوات الفنانين الكبار طلال مداح ومحمد عبده وفوزي محسون وعبادي الجوهر. ثريا المولودة في جدة القديمة في حارة المظلوم فقدت والدها في سن مبكرة، وكان لذلك تأثيره في تكوينها، أكملت تعليمها حتى نالت شهادة الكلية الأهلية من بيروت، وعادت صحفية عصامية فكاتبة لعمود وزوايا صحفية في أهم الصحف العربية وتدرجت حتى تولت رئاسة التحرير. غير أن ما يميز تلك الثريا أنها صاحبة الديوان الشعري الفصيح النسائي الأول في السعودية، وحمل عنوان «وادي الأوزان الباكية»، كانت ممن واجه عراقيل مختلفة حتى وجدت نفسها في معارك أدبية شرسة إلى جانب معركتها الأهم ضد الرافضين لفكرة حضورها المؤثر في تلك الحقبة. كان حبها لصوت الفنان طلال مداح، مثلما تقول، دافعا لتكتب النص الغنائي العامي فاتجهت لكتابة الأغنية منذ ذلك الوقت، فخطف كثيرا من حضورها كشاعرة فصحى، وقد خلعت ستار الاسم المستعار ودحضت التواري خلف المسميات المجهولة منذ الستينات الميلادية، فكان صدور ديوانها الأوزان الباكية عام 1963، متحديا وصادما لمن نصبوا لها شراك الإعاقة وحفر التعطيل، فواصلت كتابة النص الغنائي لتساهم في تأسيس مفهوم الأغنية السعودية بشكل غير مسبوق، وظهرت مجموعة من الأغنيات ما زالت تتردد حتى اليوم، بينها «بشويش عاتبني» و «بعد مزح ولعب» وغيرها. تقف اليوم ثريا قابل شاعرة الأغنية، وهي التي عاصرت مراحل طويلة في عمر الأغنية السعودية متجاوزة السادسة والسبعين من العمر الجميل، هادئة كغيمة بيضاء بعيدة عن الضوء.. قريبة من القلوب الخضراء صامتة لا تنتظر تكريم المؤسسات الثقافية ولا حتى الجهات الرسمية، حفية بحب الذين أصغوا وما زالوا لبوح فنها الأصيل وكلماتها العذبة الشفيفة.