لا أعلم من أنا، لكنني أعلم أين كنت، لا أعلم لمن أنتمي، لكنني أعلم أنني أنتمي لعائلة ما، لموطن ما، لمدينة، لحي أسكن به، نعم، تائه، لكنني أبحث من أنا، قد أكون عابر سبيل فقد وعيه لمناظر المدينة الخلابة، وقد أكون من ضحايا فقدان الذاكرة لحادثة ما، أو لحكمة ما، وقد أكون أو لا أكون، لا أعلم ما ذنبي وهل الحياة ظلمتني، لكنني سمعت من جدي في الماضي، أن الحياة ظالمة وظلمت أرواحاً وقلوبا، لكن لحظة، كيف لا أعلم من أنا ولمحت لمقولة جدي إذن أنا بخير وبدأ عقلي يستوعب من أنا، هل سوف يستوعبني الناس لا أدري، وهل سوف أصبح في متاهة السؤالات وخلف علامات الاستفهام والتعجب، هل أنا نكرة أم معرفة في مجتمعي ووطني، إن كان ما سبق ذلك أنا تائه نعم تائه، وهل يكرم التائه أم يهان لا أعلم، لكنني أتذكر مقولة أمي عندما قالت إن التائه كذلك الذي انقطعت حبال الود عنه، وأصبح هشيماً تذروه الرياح كل تارة وهو لا يعلم أين يذهب ولمن يشكي، لكنني كيف تذكرت مقولة أمي ومن هي أمي، إذن أنا بخير نعم بخير الآن عقلي بدأ يستفيق ويرسل إشارات الماضي حتى أعود أينما كنت، فروحي وعقلي وقلبي تائهون معي يريدون العودة معي لأُناس اشتاقوا لهم، لوطني الذي اشتقت إليه، لمدرستي التي تعلمت بها، لجامعتي التي تخرجت فيها، للحي الذي أسكن به، لبيتي لغرفتي التي تمسي وتصبح معي بها أفكاري، نعم أنا حزين وينتابني البكاء تارة والشوق تارة، وبين هذا وهذا، هناك ألم يجعلني يتيماً مجروحاً لا حيلة لي غير الصبر تحت صفة مجهول، بانتظار أن يأتي أمر من السماء، لأعود لما كنت عليه، قد تعلمني الأيام والسنين أنني أنا ذلك التائه وسط تلك المدينة، وقد أُصبِح وقتها صاحب قصة كفاح، أو قصة نوم، أو أسطورة بحثت عن هويتها وماتت حزينة.