بعد أن فشل النظام الإيراني في إثارة الفتنة والقلاقل في الحج، بات هذا النظام معزولا إسلاميا، يبحث عن منصة يصرخ من خلالها تعبيرا عن الحنق بعد الصفعات السعودية المتتالية، ولم يجد سوى الردح والصراخ من خلال صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية التي سمحت لوزير الخارجية الإيراني كيل الاتهامات للسعودية دون دليل، مناقضة بذلك أدنى قواعد العمل الصحفي المهني الذي يرتكز على الدليل والمعطيات الملموسة. حاول ظريف من خلال «نيويورك تايمز»، تفريغ شحنة الفشل بالهجوم على السعودية، وأن يداري سوءة السياسة الإيرانية - أكبر مصدر للطائفية- في المنطقة، مدعيا أن بلاده «الشريرة» تريد التخلص من التطرف، وهي التي تحتضن وتدعم رؤوس الشر في العالم من زعماء تنظيم القاعدة وداعش إلى حسن نصرالله وقاسم سليماني وما بينهما من وحوش عراقية ضارية تؤمن بالقتل على الهوية. جواد ظريف العميل الفارسي الأول للغرب ومهرج السياسة الإيرانية في المحافل الدولية يدرك أن عملية «العويل» الذي يمارسه ما هو إلا مسرحية لاستدرار عطف العواصم الغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية، وإظهار براءة طهران من الدماء الغارقة فيها في سورية والعراق واليمن، فإيران وأمريكا وإسرائيل هم الأساس، وكل ما هو غير ذلك مجرد تفاصيل وفائض جغرافيا.. تلك هي القاعدة التي يعتمد عليها «الثوري» الذي بات عين وأذن الولاياتالمتحدة في المنطقة بعد أن نجح جهاز ال CIA الأمريكي وجهاز الموساد الإسرائيلي في ترويض النجم «الثوري» على مدار نحو ربع قرن أمضاها في الأممالمتحدة. أرسله والده، وهو تاجر ثري من طهران، إلى سان فرانسيسكو لدراسة المعلوماتية والعلاقات الدولية، وقد أراد الوالد إبعاد ابنه عن تأثير المجموعات الثورية التي تخطط لإسقاط الشاه، لكن هذا لم يمنع ظريف عام 1979 من الانضمام للثورة، وتولى في سن التاسعة عشرة منصب قنصل في سانفرانسيسكو، حيث بدأت تجربته الدبلوماسية الأولى. وفي 1980 وإثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيرانوالولاياتالمتحدة بعد احتجاز رهائن في السفارة الأمريكية في طهران، كلف بإغلاق القنصلية الإيرانية في سان فرانسيسكو. نشأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المولود عام 1959، في أسرة متعصبة جدا من طهران، وقال إنه «لم يستمع إلى أغان حتى بلغ سن الخامسة عشرة». وفي الثمانينات، حرمته زوجته «الثورية المتشددة» من مشاهدة التلفزيون «طوال 10 سنوات»، كما يقول. هو من بين الأشخاص الذين دعوا إلى التعاون الوثيق السري مع واشنطن ضد العدوين المشتركين «القاعدة وطالبان»، يومها قدمت إيران إلى الولاياتالمتحدة لائحة بالأهداف التي يمكن قصفها في أفغانستان ومعلومات مهمة أخرى، وأسهم ظريف شخصيًا في مساعدة الغرب على تشكيل حكومة حامد كرزاي في أفغانستان.