قبل ساعات من وصول ضيوف الرحمن إلى مشعر منى «أمس»، بات الهدوء يطبق على «شارع 204»، أو ما يعرف ب«شارع العرب» الذي كان شاهدا على وفاة وإصابة أكثر من 1400 حاج، في حادثة التدافع الشهيرة العام الماضي، لكن مع تدفق جموع الحجاج إلى المشعر نهار أمس تحول الشارع إلى ما يشبه المزار، فالكل يتفحص جنباته ويتابع ما به وما عليه. وباتت بارزة حالة الاستنفار التي تحيط بالشارع وتترجمها أصوات مطوفي الحجاج الذين يعملون على قدم وساق لتجهيز المخيمات للحجيج. وفي وسط الشارع، مازال عادل نجار مسؤول إحدى شركات مطوفي حجاج جنوب آسيا، التي يقع مخيمهم في منتصف الشارع يتذكر جيدا هذا الشارع، وكيف كان في مثل هذا الوقت من العام الماضي، إذ كانت تعلو تكبيرات أصوات الحجيج وهم يسيرون فرادى وجماعات، نحو مخيماتهم أو باتجاه جسر الجمرات الذي يقع في نهاية الشارع، لكن مشهد التدافع وسقوط الحجاج فوق بعضهم البعض -حسبما يؤكد عادل- جاء في صورة دراماتيكية وكان هو المشهد الوحيد الذي لا يمكن نسيانه. وعلى غير العادة، كانت المخيمات الواقعة في وادي منى والقريبة من الشارع خالية تماما من الحجاج حتى وقت متأخر من عصر أمس وهو أمر نادر الحدوث، لاسيما أنه في مثل هذا الوقت من كل عام تكون هذه البقعة الصغيرة بمساحتها، مكتظة بالحجاج الذين يصل عددهم أحيانا إلى مليوني حاج، كما أن السكينة تحيط بالشارع. وقال المطوف صبحي البترجي الذي كان يتأهب لاستقبال أفواج الحجاج العراقيين للمخيم في منى، إنه يتم فرز الحجاج وتوزيعهم داخل المخيم، مبينا أن الأعداد الكبيرة يتم تصعيدها لعرفات مباشرة على أن يتم وصولهم إلى منى لأيام التشريق. وقال فوزي العنزي أحد العاملين في برنامج توعوي تابع لوزارة الحج، إنهم يتلقون من الزوار والحجاج، الكثير من الأسئلة حول شارع 204، وعند إرشادهم إليه من قبل فرق الكشافة يقومون بأخذ الصور التذكارية. وكان الشارع 204 شهد تداخلا مفاجئا في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات في حج العام الماضي، مما نتج منه تزاحم وتدافع بين الحجاج أدى إلى وفاة 769، وإصابة 694 حاجا. وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي في حينها أن حادثة التدافع في مشعر منى كانت نتيجة تعارض الحركة بين أفواج الحجيج في شارع 204 وشارع 223، مضيفا أن ارتفاع درجات الحرارة ساهمت في سقوط الضحايا.