رجح اقتصاديون تماسك أسعار النفط عند مستويات 50 دولارا خلال الأشهر القادمة وحتى نهاية العام الحالي، مشيرين إلى أن اتفاق السعودية مع روسيا على تكريس الاستقرار في السوق النفطية أعطى زخما قويا للجهود الساعية لتحسين المستويات السعرية للنفط. وأكدوا أهمية التعاون المشترك بين الدول المنتجة من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وخارجها، خصوصا أن تحسين أسعار النفط يصب في مصلحة جميع الدول، مشددين على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لوقف نزيف الأسعار خلال الفترة القادمة. وقال عثمان الخويطر "خبير نفطي":" إن الاتفاق بين السعودية وروسيا بمثابة إنجاز كبير، ويمثل بادرة إيجابية لمناقشة الإجراءات العملية لتحسين أسعار النفط في السوق العالمية، ويوحي بالتوصل لاتفاق مشترك لإخراج حالة الترنح التي تعيشها الأسواق النفطية منذ 2104". وأضاف:" الاتفاق بين السعودية وروسيا لم يدخل في التفاصيل، إذ إن البيان الصادر بعد الاجتماع لم يحمل الإجابة على بعض الأسئلة فقد أشار إلى مناقشة وتفهم الأسباب المؤدية لانخفاض أسعار النفط". واعتبر الخويطر أن ارتفاع أسعار النفط في غير محله، خصوصا أن بيان التوصل إلى اتفاق لم يحمل في طياته بعض التفاصيل التي تشفع للارتفاعات، لافتا إلى أن الأسواق النفطية استوعبت "التسرع" بحيث تراجعت الأسعارمجددا خلال تعاملات أمس (الثلاثاء)، مشيرا إلى أن أسعار النفط خلال الربع الأخير من العام الحالي لن تتأثر كثيرا، فالمؤشرات توحي بتماسكها عند المستويات الحالية، مرجعا ذلك لوجود فائض كبير في السوق من الصعب امتصاصه خلال الأشهر القادمة. وقال:" على سبيل المثال الفائض يتجاوز المليوني برميل يوميا، ودخول الشتاء لن يحدث استهلاكا كبيرا يتجاوز مليون برميل يوميا".، مرجحا استمرار تخمة السوق لفترة قادمة جراء لجوء العديد من الدول للإنتاج بالطاقة القصوى، مقدرا الانتاج العالمي بنحو 95- 97 مليون برميل يوميا، فيما لا تتجاوز حصة (أوبك) 35% من إجمالي الانتاج العالمي من النفط. بدوره بين الخبير الاقتصادي الدكتور تيسير الخنيزي أن المراهنة على تحسين المستويات السعرية في أعقاب الاتفاق السعودي – الروسي ليست بالسهولة، لافتا إلى أن العملية معقدة للغاية؛ ما يجعل عملية التكهن بارتفاع الأسعار من الصعوبة بمكان، إذ إن السوق النفطية ليست مقتصرة على مجموعة دول وإنما توجد دول لاعبة سواء من داخل (أوبك) أو خارجها، متسائلا عن إمكانية التزام الدول المنتجة بحصصها الإنتاجية. وأكد أن المصالح الاقتصادية للدول المنتجة تتطلب الوصول إلى اتفاق مشترك لتحسين المستويات السعرية للنفط، داعيا للتعاون بين مختلف الدول المنتجة، سواء من داخل (أوبك) أو خارجها، معتبرا الاتفاق بين المملكة وروسيا خطوة مهمة في سبيل التأثيرعلى السوق الدولية. وقال:" البيان المشترك بين الرياض وموسكو سيمهد الطريق أمام استقرار الأسعار بشرط تعاون الدول المنتجة الأخرى، إلا أن عملية تحسين المستويات السعرية للنفط مرتبطة بالقدرة على سد الفجوة بين العرض والطلب في السوق العالمية، وأتوقع بقاء الأسعار عند مستوى 50 دولارا للبرميل خلال الربع الأخيرمن العام الحالي". واعتبر الخنيزي أن المكاسب التي سجلتها أسعار النفط بمجرد إعلان البيان المشترك أمر طبيعي، إذ لامست الأسعار أعلى مستوياتها عند 49.40 دولار وهو أعلى سعر منذ 30 أغسطس الماضي. من جهته ذكر الخبير النفطي سداد الحسيني أن إجمالي إنتاج المملكة وروسيا يصل إلى 20 مليون برميل يوميا؛ ما يعكس أهمية التنسيق بين الطرفين في السوق النفطية بشكل عام، منوها إلى أن التنسيق يهدف إلى تعزيز مصالحهما الاقتصادية دون الإضرار بمصالح الدول الأخرى. ودعا إلى التعاون مع الدول من (أوبك) وخارجها مثل المكسيك والبرازيل؛ لإيجاد تقارب في وجهات النظر فيما يتعلق بأزمة تدهورالأسعار. وتوقع الحسيني تماسك الأسعارعلى المدى القريب؛ نظرا لوجود فائض كبير في الإنتاج يتجاوزالاستهلاك العالمي، لافتا إلى أن الخطوة السعودية – الروسية ضرورية للتنسيق المستقبلي. ورجح تجاوز الأسعار في العام القادم حاجز ال60 دولارا في حال ترجم التفاهم بين الطرفين على أرض الواقع، خصوصا أن الطلب العالمي يرتفع سنويا بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا، بينما تتراجع الطاقة الإنتاجية العالمية سنويا؛ نظرا لأن الحقول النفطية تشهد تراجعا في القدرة الانتاجية بشكل سنوي. وأفاد أن الأسواق العالمية تنتعش بسبب زيادة الطلب وانخفاض الانتاج، محذرا من خطوات غير مدروسة تقود لتسارع في ارتفاع الأسعار؛ ما يؤدي لانتعاش النفط الصخري.