تباينت ردود أفعال المثقفين والكتاب على أهداف وغايات ونتائج المؤتمر الذي عقده بعض علماء وأتباع مدارس ومذاهب إسلامية في العاصمة الشيشانية غروزني. وبقدر تحفظ البعض على المؤتمر بكل حيثياته ودوافعه، بقدر ما دعا آخرون إلى مراجعة خطابنا الوعظي وتجديد طرحنا الفقهي ليكون أكثر تحضرا وأنسنة، ما يساعد على الخروج من دوائر الإقصاء والتصنيف لكل مختلف عنا. ويؤكد عبدالله فدعق أنه إذا أراد أهل السنة أن تكون لهم جماعة لا يصح منهم الاقتصار على مجموعة دون أخرى، ولا يليق الانتصار من مجموعة على أختها، داعيا إلى البعد قلبا وقالبا عن التعامل بأسلوب الإقصاء كون المذاهب الأربعة السنية (الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة) مذاهب فقهية داخل إطار أهل السنة. وقال: لا خلاف بين من يمارس التصوف الحقيقي وأصحاب الفكر السلفي الصحيح، ووصفهما بأنهما صنوان، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الديني وطرح الفقه بلغة عصرية منفتحة على الآخر ومستوعبة معطيات العصر سيحقق حضورا كبيراً لخطابنا وقبولا في أوساط الآخرين، مختلفين، أو مخالفين، مجدداً التأكيد على أن العبرة من مثل هذه المؤتمرات الالتفات لأنفسنا والشفافية في تقييم خطابنا برغم تحفظنا على احتكار الإسلام أو أهل السنة في جماعة محددة. بدوره لفت الدكتور علي الموسى إلى أن الأهم اليوم ما ورد في بيان هيئة كبار العلماء، إذ دعا المفكر والمثقف إلى الاصطفاف إلى جوار العالم للنقاش والمداولة في هذه القضية بالتحديد، مؤملا أن يكون الهدف من الدعوة إلى هذا الاصطفاف إخراج خطابنا المحلي من دوائر التصنيف والإقصاء والنرجسية والفوقية، لأن ليس كل ما عدانا من المختلفين مخالفا أو صاحب هوى أو مشكوكا في معتقده ومنهجه. ويذهب زياد الدريس إلى أن الهدف من المؤتمر هو إقصاء السلفية من التعريف الاحتكاري الذي اشتهاه المؤتمرون لحصر أهل السنّة والجماعة، ووصف التصنيف بالبشع، كون المؤتمر يهدف إلى التوقف عن الجدال والتنظير والانشغال بصغائر الأمور والقضايا لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية التي تستغل ذلك لصياغة مناهجها التدميرية. ويؤكد الدريس أن المؤتمرين يعلمون أن وحدة الإسلام ظلت ماثلة أمام مراقبيها حتى بعد الفتنة الكبرى وانقسام المسلمين إلى سنّة وشيعة، إضافة إلى انقسام أهل السنّة لاحقاً إلى فرق ومدارس علمية كالأشاعرة والمعتزلة والماتريدية والجهمية والسلفية والصوفية. وتحفظ الدريس على أن يكون هدفهم جمع كلمة أهل السنة، نظرا لما وقع من ردود أفعال غاضبة تغشى وسائل الإعلام التقليدي والجديد، مضيفا أنه في ظل ما تعانيه منطقتنا وشعوبنا وما بلغناه من وضع في غاية الخطورة والحرج، إلا أننا مازلنا نتعرض للطعن من الأمام والخلف، ومن الداخل والخارج، باسم الدين وباسم الوطن، وبأدوات التاريخ وامتدادات الجغرافيا.