تجسد الزيارة التي يقوم بها سمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان حالياً للصين ضمن جولته الآسيوية عناقاً افتراضياً بين حلمين آسيويين عظيمين هما الرؤية السعودية 2030 والحلم الصيني الكبير بإحياء طريق الحرير التاريخية، وهي زيارة تأتي بعد عامين فقط من إعلان بكين أنها أصبحت فعلياً القوة التجارية الأولى في العالم بمبادلات تخطت قيمتها 4 تريليونات دولار. يُقال إن نابليون تنبأ عام 1816 بأن العالم كله سوف يهتز إذا استيقظ التنين الصيني من سباته، وهي نبوءة تحققت بالنهضة الصناعية الصينية خلال نحو 5 عقود أو أقل قليلاً ابتلعت خلالها بكين مفاصل التجارة العالمية بشكل أسطوري، وهو الأمر ذاته الذي توقعه مؤتمر عقدته قيادة سلاح الجو الأمريكي عام 1995 تحت اسم «مؤتمر التقييم الإستراتيجي»؛ إذ اعتبر الصين قوة صاعدة ستتفوق اقتصاديا على الولاياتالمتحدة عام 2015، لكن بكين سبقت هذا التوقع بعام واحد عندما أعلن البنك الدولي في تقريره السنوي لسنة 2014 (الذي يتضمن ترتيب العشرين قوة اقتصادية الأولى في العالم من حيث الناتج المحلي الخام و نسبة النمو) صعود الصين إلى المركز الأول بعد نحو قرن ونصف من تربع الولاياتالمتحدة عليه. لا نبالغ إذا قلنا إن نهضة الاقتصاد الصيني التي تعد الأسرع في التاريخ تشكل معجزة حقيقية وأنموذجا لأي دولة تفكر في تحقيق قفزة اقتصادية في أقل فترة زمنية، وهو ما يهم السعودية التي انطلقت باتجاه تحول اقتصادي كبير سيبلغ أوجه خلال أقل من 14 سنة من اليوم. إن تعميق الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية مع قوة بحجم الصين يعد ركناً أساسياً لأي معادلة إصلاح اقتصادي في العالم، وهو ما تسعى إليه الرياضوبكين منذ عقدين؛ ففي مجال الطاقة منحت السعودية عام 2004 شركة «ساينوبك» الصينية امتياز التنقيب عن الغاز في منطقة تمتد إلى مساحة 40 كم2 في الربع الخالي بالشراكة مع أرامكو السعودية، كما أن أرامكو تشارك في ملكية 45 % من مصفاة للنفط في شمال شرق الصين، هذا إضافة إلى أن حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين الرياضوبكين تصل اليوم إلى نحو 71.3 مليار دولار، وهو رقم قد يتضاعف خلال السنوات القليلة القادمة. السعودية ممثلة بعرّاب رؤيتها الاقتصادية سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تشارك في قمة العشرين الحادية عشرة التي ستعقد بعد أيام بمدينة هانغتشو في مقاطعة تشجيانغ شرق الصين، وهي قمة ستناقش بحسب التصريحات الرسمية الصينية ثلاث وثائق مهمة تتعلق بتدشين نظام مؤشر اقتصادي جديد، وخدمات التمويل المقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تتطرق إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الرقمية وإحداث توازن بين الابتكار والمخاطر، وجميعها محاور هامة تتماس تماماً مع أجندة الرؤية السعودية التي جابت العالم من أقصى غربه إلى أقصى شرقه خلال أسابيع بجهد مذهل يبدو أن ثماره تنضج قبل موعدها. [email protected]