تدرك إيران أن سيطرتها المطلقة على القرار والأرض العراقية يعني توسيع مناطق نفوذها التي تسهل عليها تنفيذ خططها بالتطهير الطائفي، فلا يمكن لرئيس الوزراء حيدر العبادي اتخاذ أي قرار دون موافقة قائد فيلق القدسالإيراني قاسم سليماني، فكان أن ظهرت فتوى المرجع السيستاني بتشكيل ما بات يعرف بالحشد الشعبي، استجابة للنداء الذي أطلقه عقب احتلال الموصل في يونيوالماضي. وكانت الرؤية الإيرانية، الواضحة مما تريده، إذ شكلت تلك المجاميع المسلحة من عامة الشعب بداية، وإن كانت شيعية خالصة، قبل أن تأتي العمامة الإيرانية، لتضع يدها على أكبر جيش ميليشيوي في العراق، فلقد تجاوز عديد هذه الميليشيات نحو نصف مليون مقاتل، تم تجنيدهم وتجهيزهم وتسليحهم من خزينة الدولة العراقية، بذريعة محاربة «داعش» الإرهابي، ليس هذا فحسب، بل باتت هذه الميليشيات شرعية، معترفاً بها من حكومة بغداد، وأيضاً مدعومة من مرجعية النجف، ما يضفي عليها طابع قوة يفوق، إلى حد كبير، حتى مؤسسة الجيش العراقي وهي يجري تحويلها إلى حرس ثوري شبيه بالحرس الإيراني. استحوذت إيران على هذه الميليشيات، وتحولت قيادته إلى إيران شيئاً فشيئاً، خصوصاً أن تجربة الأشهر الأولى لهذه الميليشيات لم تكن جيدة، إذ تأخرت الحكومة عن دفع رواتب عناصرها، قبل أن تعود إلى إغراء المال للتجنيد، وأيضاً إغراء الوجود الإيراني الذي يمثل، لنسبة لا بأس بها من شيعة العراق، عاملاً مهماً وحاسماً في توجهاتهم. تقوم ميليشيات الحشد، أو جيش إيران في العراق، بعملية تغيير ديموغرافي للمناطق السنية التي لم يكن يخطر على بال أحد يوماً أنها قد تتعرض لمثل هذا النوع من التهجير، إذ إنها تقع في محيط جغرافي وديموغرافي سني بالكامل، غير أن قدرة إيران على انتهاز الفرص جعلت هذا غير الممكن ممكناً وتبنى الحشد الشعبي نهجا تدميريا يسعى للتطهير العرقي للمناطق ذات الأغلبية السنية، إذ كانت المعارك التي شهدتها تكريت وصلاح الدين وديالى أبرز دليل على الأهداف الإيرانية المغرضة وتجاهر هذه الميليشيات ذات الصبغة الطائفية بالولاء لطهران التي تؤمن لها الدعم المالي واللوجستي إلى جانب التسليح والتدريب ما دفع إلى مطالبة المجتمع الدولي بوضع حد للتصرفات الطائفية البغيضة التي يمارسها جيش الحشد الشعبي العراقي ضد مناطق سنية في العراق، وتحديداً تلك التي تجاور إيران، وذلك بعد أن انكشف مخطط هذا الحشد الطائفي في تهجير السنة من مناطقهم وإحلال شيعة مكانهم في تغيير ديموغرافي متعمد مصدره إيران، الداعم الأولى لهذا الحشد.