نجحت إيران منذ مطلع الثمانينات إلى الآن، في تحويل لبنان إلى محمية إيرانية تتلقى الأوامر من طهران من خلال «سرطان» حزب الله، ولم يعد الأمر مخفيا؛ ذلك أن المسؤولين الإيرانيين طالما قالوا إن لبنان إحدى جبهات القتال الإيرانية في الشرق الأوسط، وقد ساهم النظام السوري في عهد حافظ الأسد بتهيئة المناخ اللبناني من خلال إضعاف كل القوى الوطنية اللبنانية، فيما هندس الطرفان خريطة صعود حزب الله كقوة ميليشياوية مهيمنة، بحيث يكون هذا البلد الحيوي محمية إيرانية من خلال ذراع حزب الله، الذي سلم الدولة لإيران عبر «فلسفة» الولي الفقيه. فكرة تشكيل حزب الله في لبنان كميليشيا تابعة لإيران، كانت انطلاقة المشروع الإيراني البعيد المدى، مستغلة حالة الترهل العربي وتواطؤ النظام السوري مع هذا المشروع، الذي أصبح لاحقا في عين العاصفة الإيرانية ووقع في شراك إيران بإغراقه بميليشيات ومرتزقة تعمل وفق التوجيه الإيراني. كان الهدف الإيراني؛ بناء خط طولي من إيران مرورا بالعراق إلى سورية ولبنان للوصول إلى البحر المتوسط، لكن العراق كان العثرة الأولى في هذا المشروع، نظرا لحجمه وقوته العسكرية وتاريخه العروبي والإسلامي العميق. وبسقوط النظام العراقي، بدأت إيران بترتيب خطة «لبننة» العراق، وتكرار سيناريو التغلغل الإيراني في لبنان، ساعدها في ذلك نخبة من المتواطئين العراقيين، والحدود الجغرافية العريضة، فضلا عن استغلال المشاعر الطائفية في المناطق الجنوبية من العراق. رموز التآمر العراقي، كثيرة ولعل أبرزها نوري المالكي، وهادي العامري، قائد ما يسمى ب «فيلق بدر»، الذي كان يتخذ من طهران مقرا له ضد العراق .. هذه الشخصيات تحولت في وقت لاحق - وفق التوقيت الإيراني- إلى أدوات فاعلة في تنفيذ مشروع ابتلاع العراق، ليكون المالكي النسخة العراقية من حسن نصرالله وعلى الطريق ذاته. بعد أن أطبقت إيران على لبنان واكتملت أدواتها في العراق، أوعزت إلى أذرعتها السياسية بتحويل الحشد الشعبي إلى حرس ثوري إيراني بحيث يكون جهازا موازيا للأجهزة الحكومية الرسمية، لتنتهي بذلك مرحلة «عراق» تنطبق عليه «صنع في إيران».. نجحت اللبننة بامتياز واستنساخ التجربة اللبنانية حرفيا. المرحلة الأخيرة من المشروع الإيراني تقف الآن على أعتاب سورية، التي استعصت على كل الأدوات الإيرانية وحولت المشروع «السلس» في لبنانوالعراق إلى تحد كبير للنظام الإيراني الذي يدفع حتى الآن ثمنا باهضا في أتون الصراع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.. وليس مبالغة في القول «إن معركة كسر العظم (الإيرانية - العربية) تدور في سورية الآن.. وهي المعركة الأخيرة بين العرب والفرس وستكتب من هو المنتصر.