قبل ثلاثة أيام، أدلى مستشار للرئيس الإيراني- يدعى علي يونسي- أن إيران أصبحت إمبراطورية وعاصمتها العراق. وقال: «إن العراق ليس جزءا من نفوذنا الثقافي بل من هويتنا.. وهو عاصمتنا اليوم»، ملمحاً إلى أن إيران قد تتمدد إلى الأماكن التي تربي فيها أذرعتها الطائفية وأتباع الحرس الثوري. وهذا التصريح- وغيره من التصريحات- خطير، نظراً لأنه يتطابق مع الوقائع، ووجود قوات عسكرية تابعة لإيران تعمل الآن علناً في العراقوسوريا، ولبنان، واليمن. فالإيرانيون يعتقدون أنهم قد أكملوا خططهم لتأسيس جيوش وجيوب لها في البلدان العربية ليعلنوا الآن المهمات الأخرى. ولكن الحقيقة أن مستشار الرئيس الإيراني يتحدث عن وهم، وإن زرعت طهران العملاء وزودتهم بالأسلحة وأفظع النصائح بأساليب القتل على الهوية في أماكن كثيرة في الوطن العربي. إيران لم تستطع أن تثبت حكم رجالها في العراق، وهي تعمل بالحديد والنار وبكل الأساليب، الترغيب والترهيب والقتل والتهجير والاختطاف والتجويع والابتزاز، منذ 12 سنة. 12 سنة من العمل الإيراني الدؤوب، وبكل المساعدات التي قدمتها واشنطن، لم تتمكن طهران من تثبيت دعائم سيطرة عملائها في العراق، بل اضطرت إلى الموافقة القسرية على أن يتنازل موظفها المخلص- نوري المالكي- عن الحكم؛ لأن الوطنيين العراقيين قد واجهوا السياسة الطائفية وتمكنوا في النهاية من هزيمتها. وتحاول طهران الآن- إعادة الكرة باسم محاربة منظمة داعش- أن تبسط نفوذها مجدداً على المحافظاتالعراقية، ولكن العراقيين الموالين لطهران اضطروا إلى إدانة تصريحات يونسي، لأنه خرج بها عن كل الأصول، ووجه إهانة للعراقيين- وفي مقدمتهم- الموالين لطهران، الذين تظهرهم هذه التصريحات على أنهم ليسوا أكثر من موظفين لدى طهران وليسوا قادة للعراق. وحتى بعد أن بادرت الحكومة الإيرانية بتصحيح التصريحات، بالقول: إنها قد حرّفت. ولكن، ماذا عن التصريحات السابقة المماثلة التي يتبجح بها مستشارون ومسئولون إيرانيون لم يتركوا بلداً عربياً لم يعلنوا أطماعهم بالوصول إليه. وإذا كانت طهران تعامل العراق على أنه بلد مستقل، فلماذا لا تسحب جيوشها من العراق؟. ماذا يفعل الجنرالات الإيرانيون والميلشيات التي تشكلها طهران ويقودها إما إيرانيون أو رجال موظفون لدى طهران؟. وما هي مهمة الأسلحة التي تتوالي على الحوثيين، والعسكريين الإيرانيين الذين يتوافدون إلى اليمن وسورياولبنان؟ ولسوء حظ يونسي وأمثاله، كشف الإيرانيون- مبكراً- لعبتهم، فبعد أن فشلت جهودهم الطائفية في العراق، ولم تؤد إلى طرد الوطنيين العراقيين ولا نفي العرب، لجأت طهران إلى القتال بجيوشها علناً في الشام، في محاولة منها لإنقاذ نظام الأسد، وورطت حزب الله في حرب سوريا، وتحوّل من حزب يدّعي الحرب ومقاومة إسرائيل، إلى حزب يلاحق الأيتام في أزقة المدن السورية، فيما لم يمس الحزب أي إرهابي حقيقي، مثلما صمت عن نصرة غزة، حينما تعرضت لثلاث حروب إسرائيلية، وبعد أن تنتهي أي حرب في غزة وتصمت المدافع، يطلق الحزب الضجيج حول المقاومة ونصرة غزة وقضية فلسطين. انكشفت اللعبة الإيرانية لدى العرب وأفصح الإيرانيون عن طائفيتهم وأطماعهم الشريرة في الوطن العربي، ولن يوالي طهران إلا الذين باعوا ضمائرهم وأوطانهم، إذ ثبت أن أكثر البلدان العربية خراباً، هي التي يتعمق فيها التدخل الإيراني. والعرب لا يريدون أن يحوّلوا أوطانهم إلى عراق أو شام أو يمن أو لبنان أخرى.