بعد سبعة أيام على لقاء وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي بمثقفات جدة ومثقفيها، وفي «ليلة خميس»، لم تمح «قبلة» الوزير على جبين الأديب عبدالفتاح أبو مدين من أذهان المثقفين والأدباء، ولا حتى من مدوني وسائل التواصل الاجتماعي أو مرتاديها، في ليلة تكريمية احتفاء من وزير الثقافة لرائدها. وفي ال 160 ساعة الفائتة لم تخل مجالس الأدباء والمثقفين وصالوناتهم من الحديث عن تلك «القبلة» المطبوعة على جبين أبو مدين، مشيرين إلى تقديرهم لإهتمامه بأجيال الأدباء والمثقفين، والذي كان له دوره في الحركة الثقافية السعودية في نادي جدة الأدبي خلال 25 عاما. هذا الاحتفاء يطرح عدة استفهامات؛ أبرزها: كيف سينظر الجيل الجديد من المثقفين لرموزهم؟، وكيف يستطيع الشباب المتطلع الوصول إلى ما وصل إليه الرواد؟، وهل هذا التكريم له دور في صناعة مثقفين شباب؟. ولعل مصطلح «المجايلة» (نقل المعرفة من جيل إلى آخر) اختصار لهذه الاستفهامات، وهو ما يؤكده رئيس نادي جدة الأدبي (مستضيف لقاء الخميس) الدكتور عبدالله عويقل السلمي، الذي يوضح أن الاحتفاء «يعطي صورة إيجابية للشباب بأن الرموز تظل حاضرة في ذهن «المسؤول» وهو النهج الذي تسير عليه قيادة الوطن، ورسالة للجيل بأن من كافح ونافح وعمل واجتهد سيظل محل الاحترام والتقدير حيا وميتا، وسيخلد ذكره ضمن رموز الوطن، وتحفيز للجيل الشاب بأن الاقتداء بهؤلاء الرموز الذين حفروا في الصخر، وجابوا فيافي العلم وقفاره، وواصلوا الليل بنهاره، ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، فأضحوا نموذجا للجيل الشاب، نتمنى أن نرى من الأحفاد من يترسم خطى الأجداد». ويرى السلمي، أن احتفاء الوزير الطريفي بأبو مدين هو احترام وتقدير وتكريم شخصي، ولكن «عبدالفتاح» يستحق التكريم الرسمي، متمنيا من الوزير الطريفي أن يضع ذلك ضمن أجندته القادمة. وإذا اعتبر أبو مدين خادما للثقافة السعودية، كما يرى جل المثقفين، فإن الكاتب عبدالله الشريف يوضح أن أي تكريم لأبو مدين اعتراف باهتمامه بقضايا الفكر. فيما تؤكد الكاتبة حليمة مظفر أنه (أي أبو مدين) له تأثيره وإثراؤه في الحركة الثقافية السعودية. وعندما كتب أبو مدين سيرة حياته في كتابه «حكاية الفتى مفتاح»، رأى الشاعر أحمد قران الزهراني أن ينظم أبياتا شعرية لأبو مدين بنفس العنوان، وترى مظفر أن الزهراني لخص شموخ رجل بدأ من حلم فتى صغير في السن، عمل خبازا يصنع الخبر، وحمالا للأثقال في حياة ملؤها الشظف والفقر، ليجني قروشا قليلة لا لكي يملأ معدته المتعبة، بل لكي يشتري كتابا يقرأه طوال الليل من شدة حبه للحرف العربي الذي أخلص له حتى أصبح رئيسا لنادي جدة الأدبي. ولكن وزير الثقافة والإعلام السابق أمين عام منظمة التعاون الإسلامي الحالي إياد مدني، له رأي آخر في أبو مدين عندما قال عنه: «أدعو كل من ادعى وحسب نفسه من المثقفين أن يتواضع كما تواضع أبو مدين، وأن يرتبط بترابه كما ارتبط أبو مدين». وكما احتضن أبو مدين مشروع التحديث الأدبي والثقافي، كان للمرأة لديه حق أصيل في التعبير الثقافي، ومن أبرز المنادين بمشاركتها في البرامج الثقافية للأندية الأدبية، كما شهدت بذلك الأديبة الدكتورة لمياء باعشن بتأكيد دوره «في إنشاء قاعة خاصة بالنساء هي الأولى من نوعها في الأندية الأدبية، لمشاركة المرأة في الحوار والنقاش».