يتحدث الناس كثيرا عن ركود الحياة الثقافية في بلادنا وعن وجود أزمة ثقافية في المجتمع وغياب النشاط الفكري وغير ذلك، لكنهم قليلا ما يذكرون شيئا عن ركود الحياة الرياضية. إن كانت الثقافة في ركود، فإن الرياضة ليست بأفضل حالا منها. ولا يغرنك هذا الضجيج المقام حول مباريات كرة القدم وأنديتها، فهو فضلا عن كونه لم يستطع حتى الآن أن يحقق مكانا عالميا مرموقا لكرة القدم في بلادنا، هو أيضا يجعل الرياضة لدينا منحصرة في شكل واحد لا تتعداه، كرة القدم. لكن الرياضة ليست كرة قدم فقط، هناك أشكال كثيرة من الرياضة لا تجد من يعنى بها ويبرزها، فالتركيز على كرة القدم وإهمال غيرها أسهم في خمود الرياضة عندنا وأضاع فرصة صقل ما قد يكون موجودا من المواهب الرياضية لدى ناشئتنا. وحين أقيم (الاتحاد السعودي للتربية البدنية والرياضة للجميع)، قبل بضعة أعوام، كان الأمل أن يسهم الاتحاد في إحياء النشاط الرياضي وتطويره والتوسع في أشكاله، إلا أنه مع الأسف لم يحدث شيء من ذلك. وليس الاتحاد وحده المسؤول عن هذا الخمود الرياضي في بلادنا، فالجامعات هي أيضا تحمل نصيبا من المسؤولية، فمنذ أن أطلق الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية وإلى اليوم، لم يستطع أن يثبت وجوده وأن يلفت الأنظار إليه، فلا أحد يسمع عن دوري الجامعات سواء المحلية أو الخليجية أو العربية، ولا أحد يسمع عن الرياضيين المشاركين في المنافسات الرياضية في أي شكل من أشكال الرياضة. وكان المتوقع أن يكون لدوري الجامعات نصيب كبير من الاهتمام والتغطية الإعلامية، فذلك يخلق شعورا بالانتماء لدى الطلاب تجاه جامعاتهم، كما أنه يبث الحماسة بين الشباب للإقبال على ممارسة الرياضات المتنوعة، فضلا عن تنشيط الأقسام الرياضية في الجامعات. وهناك طرف ثالث في الموضوع هو الهيئة العامة للرياضة، التي تقع عليها مسؤولية توزيع رعايتها للرياضة بالعدل وليس الانحصار في كرة القدم وحدها. وأظن أنه من المفيد تبني الهيئة لإقامة مهرجان رياضي سنوي خلال فصل الصيف، لدفق دماء ساخنة في جسد الرياضة الخامل من جهة، وللإسهام في تنشيط الحركة السياحية المحلية من جهة أخرى، بحيث يكون المهرجان عاما تشترك فيه جميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة، وشاملا المنافسات الرياضية (غير كرة القدم)، كالجري وكرة السلة وكرة الطائرة والتنس والقفز والسباحة والغوص ورفع الأثقال وغيرها، وتخصص للفائزين كؤوس وميداليات، مع توفير تغطية إعلامية واسعة بما يخلق التشويق والحماسة لدى الجمهور.