انتصار ساحق حققته الدبلوماسية السعودية الهادئة والذي نتج عن براءتها من التورط في أحداث سبتمبر. هذا الانتصار كان كفيلا بتوجيه أكثر من رسالة سياسية لعواصم القرار، مفادها أن «اللعب مع الكبار» لا يقل خطورة عن اللعب بالنار . لم تكن المؤسسات الأمريكية والمؤسسات الطائفية الإيرانية المعادية للسعودية تدرك أن الافتراءات والكذب والخداع مع السعودية لن يجدي وأن السحر سينقلب على الساحر، بعد أن اتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود من خلال براءة السعودية من أحداث سبتمبر. السعودية التي تعاملت بهدوء ودبلوماسية مع هذا الملف الشائك، أظهرها كقوة إقليمية، ودولية رائدة في مكافحة الإرهاب، بعد براءتها من أحداث سبتمبر .وبمجرد أن بدأت مؤامرة محاولات إدانة المملكة بأحداث ال11من سبتمبر، تحركت السعودية بامتياز من خلال اللقاءات التي عقدها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أخيرا مع قيادات الكونجرس وصناع القرار في أمريكا. القوة السعودية عادت إلى واجهة العمل الدبلوماسي والسياسي، الأمير محمد بن سلمان في الداخل الأمريكي، في مهمة وصفت ب «حرق الأوراق» لبحث كل الملفات دون أي تراجع سعودي عن الثوابت والمواقف نهجا وأسلوبا وممارسة. واستنادا إلى أكثر من شخصية سياسية أردنية تحدثت معها «عكاظ» فإنه لا يمكن في حال من الأحوال الحديث مع أو عن السعودية، بعيدا عن حقيقة القوة التي تملكها في المحافل الدولية بعد هزيمتها للأمم المتحدة وإجبارها لأمريكا على التراجع عن قرارات متطرفة، حاول بعض أطراف المعادلة السياسية الأمريكية ولغايات انتخابية ممارسة عملية ابتزاز المملكة التي كانت لهم بالمرصاد. زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن لا يمكن تصنيفها باعتبارها زيارة عادية أو بروتوكولية، إنما هي زيارة بحثت في العمق السلبيات الأمريكية في التعامل مع القضايا العربية، وواشنطن بدورها استقبلت الرجل الثالث في المملكة وقد تأكد لها أن السعودية تلعب دور المرجعية للعرب والمسلمين، مما دفع واشنطن أن تدرك أن الكونغرس أخطأ التقدير في التعامل مع ملف العلاقات الأمريكية السعودية، وهو ما اتضح من مواقف الرئيس باراك أوباما المعارضة لمواقف الكونغرس، ومع ذلك فإن الرياض أيضا لها مواقفها المنتقدة للرئيس الأمريكي نفسه وتعامله مع قضايا المنطقة، خصوصا في العراق وسورية واليمن. المواقف السعودية أجبرت واشنطن بإطلاق الصفحات ال 28 من ملفات التحقيقات في أحداث ال11من سبتمبر والصفحات ال28، التي كانت ضمن الملفات السرية الأمريكية، إذ استغلت قوى أمريكية في الكونغرس الأمريكي غيابها لتقود مؤامرة محاولات إدانة المملكة بأحداث ال11من سبتمبر، وهو ما دفع بالسعودية لتحريك دبلوماسيتها ضاغطة على الولاياتالمتحدةالأمريكية بالكشف عن نتائج تحقيقاتها والوثائق التي تملكها والمتعلقة بأحداث ال11 من سبتمبر لوقف محاولات بعض أطراف الكونغرس الأمريكي عن إدانة المملكة في هذه الأحداث.