ابتلينا عبر التاريخ بوهم كبير سفكت لأجله بحار من الدم وأزهقت في مطاردته ما لا يعد ولا يحصى من الأنفس البريئة.. خرافة عشناها حتى تملكتنا وأصبحت تأتي طائفة منا في الأحلام والرؤى!! وتخابر طائفة أخرى عبر سرداب!! هذه الخرافة أفسدت على المسلمين دينهم ودنياهم واستغلت أسوأ استغلال من تجار الدين والسياسة والاستخبارات الأجنبية حتى جعلت كركن من أركان الإسلام والإيمان وهي ليست من ذلك في شيء إلا بمقدار ما للأسطورة من علاقة بالواقع والحقيقة..!! ولو سألت أحدهم هل تحرضون على أوطانكم، هل تريدون أن تقتلوا و تفخخوا كل الناس سنة وشيعة مسلمين وغير مسلمين، هل تكرهون البشر؟!، لأجابك معاذ الله أن نقول هذا أو نوافق عليه، بل لعنة الله على المجرمين، وأجزم أنه صادق في ما قال!! ولكنه لن يستطيع عندما يعود لمنبره أن ينسى الوهم الكبير والفكرة التي رضعها منذ الصغر وعبر نسق خفي يتسلل في منهجيات التفكير والاعتقاد يصرخ باحثاً عن شيء موعود أو موهوم ليس من أصول الدين ولا من فروعه: خلافة على منهاج النبوة.. خلافة على منهاج النبوة..!! هذه هي الدعوة القاتلة بقصد منه أو من دونه في أجواء من الحماسة والهياج الجمعي ربما كان منبعها في أقل الأحوال البحث عن مخلص أو نتيجة للأوضاع التي لا تسر بشراً سوياً في المنطقة، ولكنها في النهاية هي التي توحي للأغرار والسامعين بأن المجتمع سيئ وحكامه أسوأ منه ويستحق كل من يواطئهم أو يعمل معهم القتل والإعدام وألا مناص من التغيير والتفجير إما تمهيداً لظهور الإمام الحجة غائب الزمان أو بيعة لخليفة كذاب أشر قد يظهر من تورا بورا مرة أو يطل برأسه من الموصل ودابق في أخرى!! هذه الفكرة في البحث الطوباوي عن خليفة بمواصفات الأنبياء هي الأساس والمسوغ التي قتل على إثرها ثلاثة من خيرة أهل الأرض عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وطويت بعدها إلى غير رجعة ما عرف بعصر الخلافة الراشدة، وهي ذات النبتة التي ظلت تحمل بذور الدم والشتات أينما حلت واستحلت بين المتنازعين في الأرض على سلطة رب السماء، وما لم يتحرر الفكر السياسي الإسلامي من عقدة الخليفة الأحق بالولاية ماضياً أو المحتمل حاضراً أو المنتظر مستقبلاً فلن يبقى من أوطانهم إلا القبور التي يسمع حولها نحيب الثكالى وبكاء الأيتام وستتناسل أجيال الدم بالمفخخات والمتفجرات والصواريخ كما تناسل آباؤها الأولون بالسيف والمنجنيق والخازوق!! ولن يمنعهم عن خرافتهم تلك حرمة حرم ولا صيام صائم ولا صلاة مصلٍ سوى أن يجتث ذلك الفكر غير المباشر قبل الصريح كما يتم اجتثاث هؤلاء من حياتنا قبل أن يفسدوا علينا الدنيا والآخرة!!.