يبدو أن حكايا الجدات كانت عقبة أولية أمام الروائي إبراهيم مضواح الألمعي، إذ وصف القصص في بداياته ب «الفاشلة»، موضحا أنه عجز عن نقلها إلى الورق كما «روتها جدتي، والتي تحكي طفولتها ويتمها المبكر»، وأشار إلى أن «حكايات الجدات في التكوين السردي للكاتب حديثا مملا». وأضاف الألمعي أن «البيئة لم تكن مهيأة لمجالسة الكبار والاستماع لحكاياتهم، فهم لا يجدون الوقت الفائض لسرد حكاياتهم، فهناك ما يشغلهم عن الحكي، من الكدح اليومي، والركض في مساحات اليوم المحدودة، لإنجاز الكثير من الأعمال، ما يجعل (الحكي) ترفا، لا يجود به الكبار إلا على خاصة الضيوف، وفي ظروف خاصة، تضطرهم إلى نسيان أو تناسي واجباتهم اليومية، التي تستغرق كل ساعات النهار، وجزءا من أول الليل». ويذهب مضواح إلى أن «القصة القصيرة فن مستقل قائم بذاته؛ غير أنها إرهاص لامتداد سردي، قد يأخذ بيد الواقف على شاطئه إلى بحر السرد الروائي الفاتن. قد يكون ذلك فعلا اختياريا بالنسبة للبعض، ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لي، فقد راودتني فكرة الموت، والاستسلام للعجز المطلق، وكانت الفكرة تتمدد بشكلٍ لا تطيقه القصة القصيرة، فخطر لي أن ألجأ إلى الرواية، التي لم تخطر لي كتابتها ببال من قبل، وخلال هذه التجربة السردية الجديدة انتابتني حالات من التردد، والنكوص أحيانا، وهجرِ الكتابة لأسابيع، ثم أعود فأقرأ ما كتبت فيحفزني على الاستمرار، ولأن النفس القصصي كان ما يزال مسيطرا علي، فقد لجأت إلى الفصول القصيرة، ولهذا جاءت رواية (جبل حالية) في نحو 50 فصلا». وتحدث مضواح عن روايته (عتق) فهي رحلة البحث عن الحرية، التي ينشدها البطل، وفي سبيلها حاول الانعتاق من كل القيود، وظل يهجس بهذه الحرية، إلى أن استعبده هذا الهاجس، فبعد أن انعتق من عبودية الوظيفة، وعبودية الزوجية، وتخلص من شباك عيون الناس، وكلماتهم الناقدة، وجد نفسه، مكبلا بقيود هواجسه، ومخاوفه وحنينه، وحيرته، التي لا يستطيع الفكاك منها.. وتبقى هذه المحاولات السردية خطوات على طريق طويل، ننتهي ولا ينتهي، ولكنها حديث نفس، وبوح خاطر، ونفثات صدر، و «لست معنيا بتقويم هذه التجربة، أو الدفاع عنها، أو رد انتقادات الناقدين، فليس هذا ما يفترض بالمبدع الانشغال به، والكن الذي يجب أن يشغل المبدع هو تطوير أدواته، والعمل على تجويد إبداعه، والاستمرار في الإنجاز. وهذا ما أرجو أن أوفق إليه». جاء ذلك في أمسية قصصية للقاص للروائي ابراهيم مضواح الألمعي وأدارها سيف المرواني أقامها نادي جدة الأدبي، إذ قرأ مضواح في الجولة الأولى نص (المنحنى) و(ألوان الطيف الأسود) وفي الجولة الثانية قرأ نص (زوايا نظر) و(المريض رقم7) والجولة الثالثة نص (ضائعون في الفضاء).