كانت الجامعة العربية ومازالت وستظل مظلة اعتبارية للعرب. وبرغم طرح مشروع تطوير العمل العربي المشترك منذ أعوام عدة إلا أن تمثله على أرض الواقع بطيء جدا. والجامعة واحدة من أقدم الهيئات والمنظمات الإقليمية المتعددة الأطراف في العالم، إلا أن أداءها دون المؤمل والمطلوب، مقارنة بمنظومة التعاون الخليجي مثلا. وربما تكاثرت انتقادات العرب (نخبا وجماهير) لبيتهم الكبير وتعددت مقترحات ومبادرات الإصلاح حتى ضاق ذرعا الأمين العام السابق عمرو موسى وقال حتى السماء تكاد تمطر مبادرات. ويكفي أن الجامعة مازالت صامدة باعتبارها رمزا عربيا وحدويا برغم الخلافات والنزاعات، والانقسامات الداخلية بين أعضائها. وتبنى موسى مبادرة إشراك القطاع الخاص نظرا للدور الذي يمكن أن يلعبه في العمل الاقتصادي العربي. وإقامة برلمان عربي موحد. ومحكمة عدل عربية. ومجلس أمن عربي. ومنتدى للأمن القومي العربي. وكانت المملكة دعت إلى سن ميثاق عربي جديد يضمن حماية المصالح المشروعة وتحقيق المطالب العادلة للدول العربية ويدعم العمل العربي المشترك. وبناء القدرات الدفاعية العربية وتبني رؤى الإصلاح الذاتي وتطوير المشاركة السياسية داخل الدول العربية وإيجاد برامج لتشجيع الإبداع والفكر الخلاق.. وانتهت حقبة عمرو موسى وتسلم نبيل العربي دفة الجامعة في خضم الأزمات العربية ومرت الفترة بسلام. وبالأمس بدأ الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط مهام عمله رسميا خلفا لنبيل العربي بعقد اجتماع مع 11 أمينا مساعدا بالجامعة العربية. وترى الإعلامية المصرية أمينة خيري أن جامعة الدول العربية لا تحتاج تعديلات جوهرية في الميثاق أو إنشاء مؤسسات جديدة قدر ما تحتاج إلى تفعيل وتقوية المؤسسات القائمة والالتزام الجاد والعملي بما تم الإجماع عليه من إصلاحات ومقررات وضمان أعلى درجات المصداقية والجدية في تنفيذ القرارات على أسس سليمة تلبي تطلعات القادة العرب وطموحات شعوبهم. موضحة ل «عكاظ» أنه لا مجال للحديث عن حلول جذرية إذ مهما بلغت قدرات أي أمين عام من قوة وحنكة وذكاء يظل مقيدا بقيود الخلافات العربية الدينية وصراع المصالح وموازين القوى في داخل الجامعة. وأضافت ربما ينجح أبو الغيط في حل بعض الأزمات أو تحريك المياه الراكدة فقط لكن تغيير الوضع القائم أكبر من أي أمين. مشيرة إلى أن تجسير المسافات لا ينجزه الأمين العام بقدر ما تنجزه المصالح الاقتصادية المتشابكة والأهداف السياسية والظروف الجغرافية أو الجيوسياسية. واصفة المحيط العربي بذي تاريخ طويل من تجاهل مصالحه وإهمال العروبة المشتركة وغلبة المشكلات الداخلية على الأهداف الخارجية. وتؤكد أن أبو الغيط دبلوماسي وسياسي محنك إلا أن إدارة الجامعة في ظل والظروف الراهنة تحتاج إما أينشتاين أو فرويد أو كليهما.