يعيش العالم حالة صدمة عقب الاستفتاء الذي أسفر عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه إزاء هذه النتيجة المدوية هو هل تحذو دول أخرى حذو المملكة المتحدة، خصوصا مع تفكير عدد من الدول الأوروبية فى إجراء استفتاءات مماثلة لتحديد علاقتها بالاتحاد الأوروبي؟ وهل يمثل هذا التوجه بداية انفراط العقد الأوروبي؟ صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية استبعدت تفكك الاتحاد الأوروبي في أعقاب الخروج البريطاني، واعتبرت أن التوقعات بأن الاتحاد سيتفكك ربما تكون ذهبت لمدى بعيد، إلا أنها أكدت أن هناك دولا أخرى يمكن أن تسير في الطريق البريطاني بإجراء استفتاء مماثل. يعتبر الفرنسيون من أكثر المتشككين فى الاتحاد الأوروبي، وأظهرت استطلاعات الرأي أن 61 % لديهم آراء سلبية عنه مقارنة بنسبة 37 % فقط من المجريين، ومن المتوقع أن يستثمر اليمين المتطرف نتيجة الخروج البريطاني للدفع بإجراء استفتاء مماثل . ولاشك أن السويد التي رفضت أن يكون اليورو عملتها ربما تكون هي الدولة المرشحة للخروج على الطريقة البريطانية، لاسيما وأنها اتفقت مع بريطانيا على حوالى 90 % من كل القضايا، ومن هنا فإن الخروج البريطاني يثير قلقا من نوع خاص لدى السويديين، في ضوء تزايد نفوذ اليمين المتطرف فى السويد بصعود حزب الاستقلال البريطاني المؤيد للابتعاد عن الحضن الأوروبي. وتأتي الدانمارك في مرتبة متقدمة من حيث توقعات الخروج، إذ أجرت استفتاء في ديسمبر الماضي كانت نتيجته عدم منح الدانماركيين الاتحاد الأوروبي المزيد من الصلاحيات، بيد أن هذا التطور ليس كافيا لمعرفة ما إذا كان الدانماركيون يريدون الخروج على الطريقة البريطانية أم لا، إلا أن المؤكد أن غالبية مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد يعتقدون أن بروكسل لا ينبغي أن تكون أكثر قوة مما هى عليه. وتتخوف اليونان من أن تؤدي أزمة الديون والخوف من خروج بريطانيا من تهديد عضويتها فى الاتحاد الأوروبي. ويقول مراقبون إن أثينا تتخوف من أن يضعف خروج بريطانيا قرار دول منطقة اليورو بشأن دعم موقف اليونان، لكنها لاتخشى أن تؤثر الأحزاب اليمينية على الاستفتاء المعادي لأوروبا، ولكنها تتخوف من أن تدفع أوروبا اليونان للخروج للحفاظ على التماسك بين باقي الأعضاء. ويخطط رئيس وزراء المجر فيكتور أربان لإجراء استفتاء يتوقع أن يضر بتماسك الاتحاد الأوروبي، إذ سيسأل المجريون عما إذا كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يأوي اللاجئين، ولن يكون الاستفتاء على البقاء أو الخروج. وبعد أن أجرت أسكتلندا استفتاءين تستعد لاستفتاء ثالث وربما يكون الاستفتاء الوحيد المؤيد للاتحاد الأوروبي في دول القارة منذ زمن بعيد، إذ صوتت أسكتلندا للبقاء ضمن المملكة المتحدة في عام 2014، إلا أنها من الدول المؤيدة للاتحاد الأوروبي لكنها ربما تستعد لاستفتاء جديد للانفصال عن بريطانيا للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.