اختار البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في قفزة إلى المجهول توجه ضربة قوية للمشروع الأوروبي ولرئيس وزرائهم ديفيد كاميرون، ما أحدث اضطرابا قويا فوريا في أسواق المال العالمية. وبموجب النتيجة الرسمية لنتائج الاستفتاء التاريخي الذي جرى الخميس وأعلنت نتائجه صباح أمس فإن 52 % من الناخبين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد، فيما لا يزال يتعين فرز عدد ضئيل جدا من الأصوات. وشهد الاستفتاء نسبة مشاركة كبرى بلغت 72.2 %. وأظهرت النتائج دولة منقسمة، إذ صوتت لندن وأسكتلندا وإيرلندا الشمالية لصالح البقاء، فيما صوتت شمال إنكلترا أو ويلز للخروج. ومنذ بدء ظهور تقديرات تؤشر إلى النتيجة، بدأ هبوط الجنيه الإسترليني بشكل كبير وصولا إلى أدنى مستوى له منذ العام 1985. وعلى رغم التهديدات بكارثة اقتصادية كان تحدث عنها المعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد والمؤسسات الدولية، فضل البريطانيون تصديق الوعود باستعادة استقلاليتهم إزاء بروكسل ووقف الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي التي كانت المواضيع الرئيسية في الحملة المضادة. وقرروا الانسحاب من مشروع انضموا إليه في العام 1973 بعد أن رأوا فيه بشكل أساسي سوقا موحدة كبرى، لكن دون الخوض في المشروع السياسي. واعتبر الأستاذ في معهد لندن للاقتصاد ايان بيغ أن «الشق العاطفي قد انتصر». وكان البريطانيون يأملون من الاستفتاء أن ينهي الخلافات حول الاتحاد الأوروبي التي كانت تسود حزب المحافظين منذ الثمانينات ووقف صعود حزب «يوكيب» الذي فاز في الانتخابات الأوروبية في 2014. ويجري التداول باسم بوريس جونسون زعيم التيار المحافظ في معسكر مؤيدي الخروج من الاتحاد لخلافة كاميرون الذي أعلن استقالته إلا في حال فضلت قيادات الحزب شخصية أكثر اعتدالا من رئيس بلدية لندن السابق الذي يتهمه البعض بالانتهازية. ويشكل القرار نكسة كبرى للاتحاد الأوروبي الذي يعاني من أزمة المهاجرين واستمرار الأزمة الاقتصادية. وفيما تشهد الحركات الشعبوية تقدما في أنحاء أوروبا ويجمعها انتقادها لبروكسل، يمكن أن يؤدي قرار البريطانيين إلى خطوات مماثلة لاحقة في دول أخرى. وكان كل القادة الأوروبيين تدخلوا خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء لمحاولة إبقاء البريطانيين داخل الاتحاد، نتيجة الإدراك أن خروج بريطانيا سيشكل تهديدا لنادي الدول الأعضاء. وحذرت كل المؤسسات الدولية، من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى عواقب سلبية على الأمد البعيد ناهيك عن التبعات الاقتصادية الفورية.