يتوجه الناخبون في بريطانيا إلى مراكز الاقتراع اليوم، للإدلاء بأصواتهم في استفتاء تاريخي حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه. ووضعت الأحزاب الثلاثة الرئيسية في البلد ثقلها وراء حملة البقاء، إذ أدلى كل من رئيس الحكومة المحافظ ديفيد كامرون وزعيمي «العمال» و «الديموقراطيين الأحرار» جيريمي كوربن وتيم فارون، بخطابات في اليوم الأخير من الحملة أمس، حضوا فيها الناخبين الذين يناهز عددهم ال46 مليون شخص، على اختيار البقاء داخل الاتحاد. ومع تحديد البريطانيين اليوم «علاقتهم» مع أوروبا وما اذا كان «زواجاً ابدياً» أم «انفصال»، بدا العالم متوتراً لانعكاسات نتيجة الاستفتاء التي قد ترسم أسس صيغة جديدة لأوروبا شبه الموحدة وللاستقرار المالي في أسواق المال، وللعمل الأوروبي المشترك في مواجهة الارهاب، وأزمة اللاجئين والاستقرار في منطقة البحر المتوسط، وللتعامل مع الأخطار الروسية في عهد فلاديمير بوتين. في المقابل، واصل دعاة الانسحاب، وفي مقدمهم عمدة لندن السابق بوريس جونسون وزعيم حزب الاستقلال (يوكيب) نايجل فاراج، حملتيهما لحشد الناخبين للتصويت لمصلحة الانفصال عن أوروبا. وكان جونسون تواجه مع خلفه صديق خان في مناظرة في ويمبلي ليل أول من أمس، وتبادلا الاتهامات بعنف. وترفع حملة الخروج شعار «اختاروا الاحتفال بعيد الاستقلال مع التصويت بلا للبقاء في أوروبا. وحبس الأوروبيون أنفاسهم في انتظار نتائج الاستفتاء التي لن تظهر على الأرجح قبل فجر غد الجمعة، تحسباً ل «زلزال» من شأنه أن يعيد رسم خارطة «القارة العجوز» ولن تنجو من انعكاساته الطبقة السياسية التقليدية في بريطانيا. ومع مناشدات قادة القارة البريطانيين التصويت لخيار البقاء في الاتحاد، بدأت المؤسسات الأوروبية تستعد ل «الأسوأ»، فيما يعقد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكير ورئيسا المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي دونالد تاسك ومارتن شولتز، اجتماعاً فور صدور نتائج الاستفتاء البريطاني. وما بين حملة مؤيدي البقاء التي ارتكزت على تحذير البريطانيين من خسائر اقتصادية سيتكبدونها في حال الانفصال عن الاتحاد، وحجج دعاة الانسحاب التي ارتكزت إلى تخويف البريطانيين من «مد المهاجرين» من الشرق واستحالة السيطرة عليه مستقبلاً، إضافة إلى تبعات السير في ركاب «البيروقراطية» الأوروبية، بدا أن التنافس اليوم سيبلغ أشده مع توقع إقبال كبير على المشاركة في الاستفتاء المصيري والحاسم. وقال رئيس الحكومة البريطاني في خطاب أمس، إن الخروج من الاتحاد سيؤدي إلى «مشكلة هائلة» لبلاده، و «أضرار لا تعد ولا تحصى» بالنسبة إلى النمو الاقتصادي والوظائف والأسر، من شأنها أن تعوق فرص الأجيال المقبلة. وشدد كامرون على أنه من الأفضل لبريطانيا مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية والأمنية كجزء من أوروبا. ورأى أن «منطقة اليورو بدأت في التعافي، ولا مخاطر اقتصادية في البقاء داخل الاتحاد». ووعد بمواصلة الضغوط على الاتحاد الأوروبي لإدخال تعديلات على حركة الأشخاص عبر بلدانه. ومع تقارب معطيات الاستطلاعات بالنسبة إلى المعسكرين، رجح خبراء أن يحسم النتيجة عشرة في المئة من المترددين الذين يستحيل توقع تصويتهم، مع ملاحظة ارتفاع عدد الناخبين إلى 46.5 مليون، أي بزيادة معتبرة على ال35 مليوناً الذين ضمتهم لوائح الشطب إبان الانتخابات الاشتراعية عام 2015 حين نجح المحافظون بزعامة كامرون في الوصول إلى الحكم. وعشية الاستفتاء، نظمت سلسلة فاعليات في بريطانيا تكريماً لذكرى النائبة العمالية جو كوكس التي اغتيلت بوحشية بالرصاص وطعناً بسكين في دائرتها شمال إنكلترا على يد يميني متطرف، ما ضاعف المآخذ على الحملة المناهضة لبريطانيا بأنها ترتكز إلى عنصرية. وشدد زوج النائبة برندان كوكس على أنها راحت ضحية التزامها القوي جداً بالدعوة إلى البقاء داخل الاتحاد الأوروبي.