دخل أكثر من 20 سعوديا مبتكرا، عالم تقنية المعلومات وهندستها واستثماراتها في «وادي السيليكون Silicon Valley» الذي يقع في مدينة «سان فرانسيسكو» في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ويضم آلاف الشركات المتخصّصة في مجال التقنيات المتقدمة بقيمة سوقية تقدر بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وتعمل على دعم الاختراع والابتكار، وتحفيز الكيانات الصغيرة على ذلك حتى تنجح وتصل بمنتجاتها وخدماتها إلى العالم أجمع. ويتزامن هذا الحضور الوطني المتميز مع وقوف السعودية على أعتاب مرحلة نوعية جديدة تتمثل في رؤية المملكة 2030، وإطلاق برنامجها التنفيذي «برنامج التحول الوطني 2020» الذي يقود دفته الطموحة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. واتسمت زيارة ولي ولي العهد الحالية للولايات المتحدةالأمريكية بالأبعاد السياسية والاقتصادية والمعرفية، لكن البعد المعرفي فيها برز كثيرا نتيجة اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأن يكون المجتمع السعودي مجتمعا معرفيا يعمل على اكتساب المعرفة وإنتاجها كقيمة مضافة للإبداع والابتكار، والدليل على ذلك الاهتمام رسالة الملك سلمان التي حملتها رؤية المملكة 2030، وقال فيها: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك». وبرز من هذه الكوادر الوطنية، الدكتورة ملاك بنت عابد الثقفي التي تعمل في إحدى الشركات البحثية في مدينة سان فرانسيسكو، لتوطين دراسة الجينات، وتشكيل كيانات تجارية خاصة تخدم وزارة الصحة والقطاع الخاص في هذا التوجه. والدكتورة ملاك طبيبة استشارية متخصّصة في علم الأمراض العصبية والجينية الجزئية في مدينة الملك فهد الطبية، وباحث رئيس في معمل الجينوم السعودي بالمدينة، وأستاذ بحث مساعد في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مركز أبحاث الجينوم، وعضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة هارفارد، واستشاري أمراض عصبية وجينية بمستشفى برمنجهام والنساء في بوسطنالأمريكية. وأوضحت أنها تعمل ضمن مشروع علمي مشترك مع كبرى شركات العالم المتخصّصة في التحليل الجيني، وذلك في إطار مبادرات مشروع الجينوم السعودي الذي تتبناه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عن طريق مشروع «بادر» ووزارة الصحة، لدعم ريادة الأعمال. وبيّنت في حديث لوكالة الأنباء السعودية أنها تسعى في عملها إلى نقل الخبرات العالمية في مجال التحليل الجيني إلى المملكة وتوطينها بما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020. وأكدت أن نتائج المشروع ستشكل قفزة نوعية كبيرة في طرق العلاج وأساليبه ونوعية استخدام الأدوية بحسب خريطتها الجينية. مصمّم أجهزة طبية: وفي مشهد آخر من أمريكا، برز المبتكر السعودي أحمد السيّد الغازي الذي تم اختياره عام 2013 ضمن قائمة الطلاب العشرة الأوائل المميزين من بين 90 ألف طالب يدرس في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحاصل على أربع براءات اختراع أمريكية، ويعمل في مجال تصميم الأجهزة الطبية المبتكرة لكبار السن، ومن المتحدثين الزائرين في كلية الهندسة بجامعة ستانفورد. ويعد الغازي نموذجا واقعيا يحاكي تفاصيل رؤية المملكة 2030 المركزة إحدى محاورها على الاقتصاد المزدهر من خلال دعم الابتكار في التقنيات المتطورة، وريادة الأعمال. وقال الغازي في حديث مماثل لوكالة الأنباء السعودية: «بدأت تجربتي مع الابتكار من خلال رؤيتي لسقوط جدتي على الأرض وعدم قدرتها على التحرّك، لأفكر بعدها في إيجاد حل لمساعدتها على الحركة، فكانت النتيجة أن توّجت بجائزة برنامج نجوم العلوم عن ابتكار آلة مساعدة لأوجاع الركبتين، وهي عبارة عن جهاز مصمّم لمساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على الوقوف والحركة». وكانت هذه الجائزة بالنسبة للغازي بداية الانطلاق نحو تحقيق حلمه في إنشاء شركة تقنية رائدة عالمية في مجال الأجهزة المتصلة (Internet of Things) وأجهزة تنقل لكبار السن، فيما يعمل حاليا على تطوير ابتكاره «الآلة المساعدة لأوجاع الركبتين» التي تتكون من عكاز متطور يضم ميزات مبتكرة بتصميم مستقبلي فريد من نوعه. وجاءت فكرة هذا المشروع عندما طوّر أحمد الغازي نموذجا أوليا لمنتج خلال دراسته لمرحلة البكالوريوس في تخصّص هندسة الميكانيكية - هندسة إنتاج وتصميم النظم الميكانيكية بجامعة الملك عبدالعزيز، أطلق عليه اسم «قووم». وأوضح أنه بعد حصوله على الماجستير عام 2013 التحق بجامعة ستانفورد لتعلم كيفية إنشاء شركة تقنية متخصّصة، فتحقق حلمه عام 2014 حين أسس شركة في وادي السيليكون باستثمار سعودي أمريكي، لتعزيز التبادل المعرفي ما بين المملكة والشركات العاملة في الوادي مثل : «غوغل» و«آبل» و«إنتل» و«ياهو» و«إتش بي» والمراكز البحثية الموجودة، كالمركز البحثي في جامعة ستانفورد، ووكالة ناسا للفضاء، ومركز بيريكلي. ولم يكتف بذلك، بل عمل أحمد الغازي على تأسيس تطبيق «حفرة Hofrah» بمشاركة عدد من المواهب والخبرات السعودية الطموحة، وفكرته قائمة على برمجة تقنية تنبّه السائقين بأماكن وجود الحفر، والمطبات، والسيول في الطرقات لتجنب الوقوع فيها، وسيتم إطلاق المنتج عام 2017. يأتي ذلك في الوقت الذي اختتم فيه أعمال «القمة السنوية السابعة» لريادة الأعمال في جامعة «ستانفورد» في «وادي السيليكون» التي حضرها أكثر من 1500 شخصية من رجال أعمال ومستثمرين وتربويين ومسؤولين حكوميين وممثلين عن قطاع الأعمال، و700 شخص من رواد الأعمال، يمثلون 177 دولة منها المملكة.