بدأ أمس سريان هدنة جديدة في حلب لمدة 48 ساعة غداة تحذير وجهته واشنطن لنظام بشار الأسد وموسكو من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية، فيما يشكك محللون في فعالية هذه الخطوة في ظل جمود مفاوضات جنيف. ويأتي دخول هذه الهدنة المصطنعة حيز التنفيذ بمبادرة من روسيا، بعد سقوط هدنة مؤقتة في مدينة حلب التي كانت من أبرز المناطق المشمولة باتفاق لوقف الأعمال القتالية بدأ تطبيقه بموجب تفاهم روسي أمريكي منذ 27 فبراير الماضي. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنه بمبادرة من روسيا، يدخل «نظام تهدئة» حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة الساعة 00:01 صباح أمس (21:00 ت غ ) بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع» من دون تحديد الجهة التي ناقشت معها موسكو القرار. وتعرضت حلب في الأيام الأخيرة لقصف كثيف، اذ استهدفت قوات النظام بالبراميل المتفجرة والصواريخ الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة، فيما أطلقت الأخيرة عشرات القذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وجاء الإعلان الروسي بعد ساعات على تحذير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية وتأكيده أنه «على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود». وأضاف: «في الواقع هو محدود جدا في ما يتعلق بمعرفة ما إذا كان الأسد سيوضع أمام مسؤولياته أم لا» على صعيد الالتزام بوقف الأعمال القتالية. وقبل وقت قصير من بدء سريان الهدنة، تعرضت الأحياء الشرقية في حلب لقصف كثيف من الطائرات الحربية استهدف مناطق عدة. توقع محللون ألا تصمد هذه الهدنة أكثر من سابقاتها، وبالتالي الدخول مجددا في دوامة العنف، في غياب أي جهد حقيقي لإعادة إطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن. ويقول مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس كريم بيطار «يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة شأنها شأن جلسات التفاوض التي تعلق عليها الآمال في كل مرة قبل أن تثير الخيبات». ويضيف: «يبدو أننا مجددا أمام وقف إطلاق نار صوري لا تدعمه أي عملية سياسية حقيقية». من جهنة ثانية، اعتبر القيادي في الجيش السوري الحر في إدلب العقيد أحمد حمادي اشتباكات نبل والزهراء بين قوات نظام بشار الأسد و«حزب الله» اللبناني نهاية ل «زواج المتعة» بين الطرفين. ووصف حمادي في تصريحات إلى «عكاظ» الاشتباكات التي تجددت صباح أمس (الخميس) ب «رأس جبل الثلج»، لافتا إلى حالة تخوين متبادلة بين الجانبين. واستخدم النظام الطيران الحربي في الاشتباكات التي أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وحول السبب المباشر لتلك الاشتباكات، أشار إلى أنها تأتي بعد انتصارات كبيرة حققها الجيش الحر وفصائل معارضة أخرى في خان طومان واتهام حزب الله لميليشيات الأسد بأنها غير قادرة على الحرب. وقال إن تقدم المعارضة وانتصارها على أكثر من جبهة ضرب هذا التجمع الميليشياوي، حتى أن روسيا أكدت فشلها في حلب وطلبت هدنة طويلة الأجل. وتابع قائلا: هناك عشرات القتلى والأسرى من عناصر «حزب الله» وإيران والميليشيات الشيعية في خان طومان، حيث يعمل الحزب على دفنهم في المناطق نفسها نظرا لكبر حجم الخسائر. وأضاف: المعارضة مستمرة في قتال هؤلاء الذي جاؤوا من أجل تحقيق انتصار لوليهم القاصر، والعمل على تحقيق التغيير الديمغرافي للعديد من مناطق سوريا، وهذا الأمر لن يتحقق على الإطلاق وسنقاتل حتى آخر قطرة دم. وفي نيويورك أوضح مندوب السعودية في الأممالمتحدة، عبدالله المعلمي في لقاء مع قناة «العربية» أن الرسالة شديدة اللهجة التي وجهتها 60 دولة للأمم المتحدة تهدف لتذكير العالم بأن الأزمة الإنسانية في سورية ما تزال قائمة. وتدعو الدول ال 60 في الرسالة التي وجهتها للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس الجمعية العامة، رئيس مجلس الأمن، إلى التحرك لوقف انتهاكات النظام السوري ضد المدنيين العزل. وتعبر عن القلق العميق حول الأوضاع الإنسانية الخطيرة والمستمرة في سورية وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والطبية كاملة من دون أي عائق إلى المحتاجين إليها. وتشدد على أهمية تحقيق تقدم على المسار الإنساني حتى يمكن إنجاز دفعة مماثلة على المسار السياسي والعودة إلى طاولة المفاوضات. وتحمّل مجلس الأمن مسؤولية القيام بذلك.