أجمع محللون سياسيون على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ توليه قيادة المملكة، اتجه بالسياسة السعودية من الدبلوماسية الناعمة إلى الدبلوماسية الفاعلة على الأرض، وذلك في محاولة جادة منه للحفاظ على الأمن القومي العربي ومواجهة تهديدات إيران للدول العربية عموما وللخليج خصوصا، فضلا عن تسوية نزاعها النووي مما يشكل خطرا كبيرا على أمن الأقليم العربي. وأضافوا في تصريحات ل «عكاظ» أن التداعيات التي تشهدها المنطقة من انتشار الإرهاب ومخاطر تفتيت الدول العربية، دفع القيادة السعودية لأخذ زمام المبادرة والبدء بإجراءات تتسم بالسرعة والحزم عبر المشاركة في تحالفات دولية، وأخرى إقليمية سريعة وحاسمة لحلحلة قضايا الأمة ومواجهة الأخطار والتهديدات المحلية والإقليمية التي تهدد أمنها وأمن المنطقة. ردع إيران الدكتور مختار محمد غباشي مستشار ونائب المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، يرى أن المملكة استنفرت جهودها الدبلوماسية مع المجتمع الدولي لردع مخاطر إيران على الإقليم العربي والخليج خصوصا، وحفظ الأمن العربي، ومع انتشار مخاطر طهران وتنامي نفوذ الجماعات والتنظيمات الإرهابية، اتجهت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين إلى ميزان العصر الذي يقيم قوة الشعوب بميزان القوة العسكرية، فدخلت في التحالف الدولي لمحاربة داعش مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقادت التحالف العربي في معركة الحزم للحفاظ على وحدة اليمن وعودة الشرعية في مواجهة الحوثيين الذين تدعمهم إيران، كما قادت المناورات العسكرية غير المسبوقة (رعد الشمال) في حفر الباطن، والتي شاركت فيها قوات 20 دولة، إضافة إلى قوات درع الجزيزة، لإبراز قوة العرب العسكرية وقدرتهم على ردع أي مخاطر إيرانية محتملة وما شابهها، وأعلنت عن إنشاء تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب، يضم 39 دولة حاليا. وخلص غباشي، إلى أن هذه التحالفات تشكل في النهاية مصدرا لقوة العالم العربي والحفاظ على أمنه القومي في مواجهة تحديات الإرهاب والنفوذ الإيراني الذي يشكل خطرا كبيرا على الأمن العربي. فشل المجتمع الدولي واتفق معه في الرأي مدحت حماد الخبير في الشؤون الإيرانية ورئيس المركز المصري للدراسات السياسية والتنموية، مؤكدا أن المملكة أدركت حقيقة أن المجتمع الدولي أثبت فشلا ذريعا في مواجهة العديد من الملفات، ومنها ملفا الإرهاب والتهديدات الإيرانية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية، خصوصا الخليجية. كما أن أذرعها المنتشرة في العديد من الأقطار العربية عملت على انتشار الإرهاب، مدللا على ذلك بأننا لا نجد أي مظاهر للإرهاب داخل إيران، بينما يموج العالم العربي وأقطاره بالتنظيمات الإرهابية. وأشار مدحت حماد إلى أن المملكة اتجهت لدرء المخاطر المحيطة بها وبالإقليم العربي إلى اتخاذ مواقف حاسمة على الأرض تمثلت في تشكيل التحالف العربي لاستعادة اليمن من الحوثيين والحفاظ على وحدته بعيدا عن الطائفية والمذهبية الإيرانية، وعودة الشرعية. كما قادت مناورات (رعد الشمال) لتبرز القوة العربية الرادعة في مواجهة تهديدات إيران للإقليم، فضلا عن مشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وصولا لتدشينها تحالفا عسكريا إسلاميا مكونا من 39 دولة إسلامية، لحلحلة قضايا الأمة الإسلامية والعربية والحفاظ على أمنها وسيادتها. موازين القوى وأوضح اللواء كمال الدين مجاب الخبير والباحث في الشؤون الإستراتيجية ل «عكاظ» أن لجوء المملكة إلى عمل تحالفات سياسية وعسكرية أكسبها قوة كبرى في الإقليم تحقق بها توازن مهم في مواجهة قوة إيران وأطماعها. وقال: المملكة قد استفادت من متانة علاقاتها بالدول العربية والإسلامية والصديقة في تدشين هذه التحالفات، تحقيقا لهدف رئيسي هو خلق تضامن عربي إسلامي عسكري يحقق التوازن في موازين القوى في الإقليم. ولفت اللواء مجاب إلى أن النجاح الكبير الذي حققته مناورات (رعد الشمال) كان نموذجا مهما لإبراز قوة العرب والمسلمين العسكرية في مواجهة أية مخاطر إيرانية محتملة.