كشف وزير الخارجية عادل الجبير محاولة إيران إحداث ما يشبه المظاهرات في الحج خلال مذكرات التفاهم التي رفضت التوقيع عليها، مجدداً تحميل طهران مسؤولية عدم السماح لمواطنيها من أداء فريضة الحج للعام 1437، «السعودية لا تمنع أحدا من أداء فريضة الحج، هم امتنعوا عن توقيع مذكرات التفاهم». وقال الجبير خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره البريطاني أمس في جدة، إن المملكة وقعت مذكرات تفاهم مع أكثر من 70 دولة بموجبها تحدد مسؤوليات وإجراءات الحج لضمان سلامة وأمن الحج، «بيد أن إيران امتنعت عن التوقيع هذا العام»، وأنها طالبت بعمل ما يشبه مظاهرات وتطالب بمزايا خارجة عن الإطار التنظيمي العام التي ستخلق فوضى، و«هذا أمر غير مقبول وقد تم توضيح ذلك للإيرانيين، وأن هدف السعودية أن يكون الحج آمنا بلا تسيس». وأضاف: «بعدها بأسبوع عادوا ليوقعوا مذكرة التفاهم، كانت لديهم طلبات وتمت تلبيتها، كأن يطلبوا أن تكون التأشيرات تمنح من داخل إيران وليس خارجها، وقد حل الموضوع عبر منح التأشيرات عبر الإنترنت، وكانوا يطالبون نقل نصف الحجاج الإيرانيين عبر الناقل الإيراني ووافقت المملكة، وطالبوا بالتمثيل الديبلوماسي في السفارة السويسرية، ووافقت المملكة لحرصها على أن يأتي الإيرانيون لأداء فريضة الحج، ومع ذلك رفضوا التوقيع». وشدد الجبير على أن المملكة «قامت بالواجب وأكثر في الجانب التنظيمي لكن إيران رفضت التوقيع»، «مشيراً إلى أن إيران إذا كانت نيتها من البداية المراوغة وإيجاد حجج لعدم تمكين مواطنيها من الحج، فهذا أمر سلبي». وانتقد الجبير سياسات إيران في المنطقة، وحمل إيران مسؤولية عزل نفسها سياسياً من خلال دعمها للإرهاب، وإطلاق الصواريخ الباليستية، والتدخل في شؤون الدول الأخرى من خلال اغتيال الديبلوماسيين، «هي من أرسلت الميليشيات إلى سورية والعراق، وأرسلت خلايا لدول أخرى من بينها السعودية، ولذلك فإن العالم وخصوصاً الإسلامي منه رد على إيران وقال يكفي ما وصلنا إليه، لقد اتخذت الدول الإسلامية في قمة إسطنبول قراراً يقضي بالقول لا لدعم إيران للإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الأخرى». وأكد أن السعودية دعمت الاتفاق النووي بعد أن جاءت تأكيدات بعدم تمكن إيران من الحصول على سلاح نووي مستقبلاً، «لذلك نحن دعمناه، والاتفاق لا يعني أن يغض الطرف عن سياساتها في المنطقة، فهي ما زالت تدعم الإرهاب وسجلها في حقوق الإنسان سيئ، لذا عليها أن تغير سلوكياتها». وتفهم الجبير عدم ثقة البنوك في التعامل مع الإيرانيين، «لا نلوم البنوك في عدم إتاحة التعامل مع إيران هي مخاطرة سمعة لا يمكن للبنوك أن تدعم زبونا يدعم الإرهاب، وإيران مدانة من انتهاكاتها للقانون الدولي، وحذر البنوك أمر طبيعي». وزاد «إيران تحاول تهريب أسلحة إلى البحرين واليمن، هذا ليس سلوك دولة تريد أن تعيش حياة طبيعية، وهي مستمرة في عزل نفسها من خلال السياسات التي اتبعتها، نحن في المملكة نتمنى أن تكون دولة طبيعية لتكون لدينا علاقات جيدة معها، ولكن من الصعب أن تتعايش مع جار مصر على تدميرك». ورأى الجبير أن إرسال الميليشيات الطائفية إلى العراق أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن وجود إيران في العراق سبب فرقته ومشكلاته، «ومهما قالت إيران عن وجودها في العراق فهو أمر غير مقبول سواء جاءت بدعوة أو بغير دعوة، عليها أن تركز في شؤونها الداخلية ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى على رأسها العراق». وعزا الجبير الفرقة التي يعاني منها العراقيون إلى السياسات الطائفية التي أتت بسبب إيران، وأن «إيران إذا كانت تريد السكينة داخل العراق فعليها أن تكف يدها عنه وتنسحب». من جهته، رفض وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند السياسات الإيرانية في المنطقة، «الاتفاق النووي مع إيران هو اتفاق مفرد ولا يعني أن نغض الطرف عن التهديدات التي تمثلها إيران في المنطقة»، مشيراً إلى أن بريطانيا تسعى لتحقيق «روح الاتفاق»، وأوضح أن إيران «ملتزمة حتى الآن ببنود الاتفاق، وقد فككت أجهزة الطرد المركزي التي كانت موجودة، وأزالت الجوهر الموجود في المفاعل النووي ونفذت التزامات كثيرة»، معترفاً بصعوبة تحسين التعاملات التجارية مع إيران في ظل النظام المصرفي لديهم، «نجد صعوبة وكثيرا من التحديات في النظام المصرفي، وعملنا مع بنوكهم التجارية ببادرة حسن نية من بريطانيا، لرفع العقوبات». وأكد تفهم الخليجيين تجاه الاتفاق النووي، «ونحن نعي حدود الأمر وسنستمر في متابعة الخطوات الإيرانية وتصرفاتهم في المنطقة». وتطرق الوزير البريطاني عن تطلعهم للإسهام في رؤية 2030، من خلال تجاربهم في قطاعات مختلفة كتطوير التعليم والمجال السياحي والثقافي، واصفاً الرؤية ب «الخطة طويلة الأمد»، وأنه حتى في حال تعافي أسعار النفط «فمن المنطقي أن يكون للمملكة مصادر دخل أخرى». وأكد اهتمام المملكة بالحجاج، «المملكة تأخذ على محمل الجد مسؤولياتها تجاه الحجاج، وبالنظر إلى دور الملك السعودي فهو يعتبر خادما للحرمين الشريفين، وكل المسلمين مرحب بهم لأداء الحج». وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون بحثوا، في جدة أمس، في اجتماع مشترك مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند سبل تطوير العلاقات الخليجية البريطانية وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.