في يوم واحد وفي صحيفة واحدة ومن محكمة واحدة، رصدت إعلانا يتكون من أربع صفحات من سلسلة «إعلان بأمر تنفيذ» وبإجمالي وقدره 240 إعلانا هذا عدا ما نشر في ذلك اليوم في بقية الصحف الأخرى أو ما هو صادر من محاكم تنفيذ أخرى، وينص الإعلان على أن دائرة التنفيذ في (........) «تعلن عن صدور القرار الموضح بياناته ولتعذر تبليغ المنفذ ضده جرى الإعلان للإبلاغ وفي حالة عدم التنفيذ خلال خمسة أيام فسيتم اتخاذ الإجراءات النظامية التي نص عليها نظام التنفيذ» كما تضمن الإعلان اسم الشخص ورقم هويته. على مدى سنوات طويلة تتجاوز أربعة عقود، كان القاضي يقوم بإصدار الأحكام الحقوقية كالديون، فإن سلم صاحب الحكم من الإعسار لم يسلم من عدم تنفيذ ما جاء في صكه القضائي، وبالتالي أصبحت الأوراق المالية المعتمدة في نظامنا المالي لا قيمة لها في حجية التنفيذ إلى أن تجذرت فكرة المماطلة وثقافة الاحتيال في المجتمع، وما حدث على أثرها من أزمة ثقة في البلاد أدت إلى توقف المعاملات الآجلة بشكل مطلق وهو ما أثر على الدورة الاقتصادية للبلاد ككل وأصابها بالشلل التام وأدى إلى كساد تمويلي في قطاع التجارة والصناعة والاستثمار، وبالتالي فقد رحب الجميع بصدور نظام التنفيذ الذي تأرجح صدوره وتطبيقه لفترة زمنية إلى أن أصبح حقيقة واقعة وهذا تطور كبير يحسب للمؤسسة القضائية في المملكة. لكن ما الذي يجعل تبليغ هذا الحكم للطرف الثاني بهذه الصعوبة حتى أنه ليصل لدرجة «التعذر» الذي يرد عادة ضمن نصوص الإعلان خصوصا في ظل ثورة الاتصالات ووجود شبكة هائلة من مؤسسات البريد العام والخاص المعتمدة في نظامنا، وعلى اعتبار أن هذه الإعلانات ليس لها ما يماثلها في أنظمة التبليغ الأخرى وهو ما قد يعكس صوره استثمارية وحقوقية سالبة في البلاد أو ما قد يتعرض له البعض من ورود لاسمه ضمن هذه الإعلانات لأسباب قد لا تتعلق بالمماطلة أحيانا بقدر ما تتعلق بوسيلة الاتصال ذاتها، فلماذا لا يعتمد لكل شخص عنوان بريدي وعنوان إلكتروني رسمي يسجل في وزارة الداخلية ويوثق ضمن سجله المدني الرسمي وبتوقيعه، وتكون هذه العناوين قابلة للتعديل والتحوير من قبل صاحبها لاستخدامها في المراسلات الحكومية وغير الحكومية خصوصا أن كل الأجهزة الحكومية والخاصة تعاني اليوم من المشكلة نفسها وضعف أدوات التواصل الرسمي وبالدرجة نفسها تقريبا.