أخذت العمارة التقليدية القديمة في منطقة الباحة اهتماما ووضعيةخاصة، من عدد كبير من الباحثين حول خصوصية الزخارف والنقوش في المكملات الخشبية في تلك العمارة من أبواب ونوافذ ومايسمى بالمرزح أو الزافر، تتفاوت تلك النقوش والزخارف والألوان مابين بيوت تتميز بكثرة اللون والزخرفة لمنازل عوائل المقتدرين والميسورين بينما تجد في المقابل بساطة في اللون بل أحادية في اللون والنقش في عدد من البيوت ذات العوائل الفقيرة، إنه تاريخ ثقافي وفني ارتبط بالتاريخ الاقتصادي للمنطقة فمن الطبيعي وفي أي مكان بالعالم أن تجد اختلاف تلك الطبقات المعيشية، إلا أن الاتفاق كان في الزاوية الجمالية والإبداعية لكلا الزخارف والألوان في جميع البيوت القديمة في تلك المنطقة الجبلية ذات التاريخ والعراقة. نقوش وزخارف الأبواب والشبابيك في تلك المنطقة تعد لوحات فنية جمالية تتشكل فيها الحياة الإنسانية والفراغ البصري لتعطي ساكني تلك المناطق المتعة النفسية التي استنطقها الزمان والمكان فتاريخ تلك النقوش والزخارف يعود إلى أمد بعيد تجلت فيه أجمل معاني الجمال البصري بإيقاع زخرفي ولوني متفرد يصل إلى مجالات الإبداع. وأنت تتأمل تلك النقوش والزخارف الداخلية والخارجية لبيوت منطقة الباحة ينتابك ذلك الشعور الخفي بتلك الحضارة التاريخية المستمرة عبر العصور المختلفة وكيف تم المحافظة على تلك الهوية الثقافية المنبثقة من بدايات الزخارف الإسلامية والنباتية منذ بداية الإسلام ومرورا بتاريخ طويل وحضارات وأمم ظهرت واختفت، أبواب وأعمدة ونوافذ تم تطويعها بنسق جمالي اختلف عدد من قبائل منطقة الباحة في المسميات إلا أن اللون والعنصر كان قاسما مشتركا فمايعرف «بالمرزح أوالزافر وهو العمود المتوسط المجلس مليء بالنقوش يعلوه قاعدة خشبية يغطي كامل سقف المجلس بالخشب المنقوش في مشهد بانورامي يعيد إليك ذاكرة بصرية جمالية اندثرت مع المباني الحديثة، ودائما ما تتغنى بالزمن الجميل وأنت تشاهد تلك النقوش التاريخية وبألوان أكثر نطقا وتحدثا عن ماض عريق. أعمال فنية على تلك الأبواب يعكف الآن مهندسو التصميم الداخلي شهورا ليستطيع أن يخرج بملاءمة الكتلة والفراغ في الديكور بينما كان الآباء والأجداد في منطقة الباحة ينقشون الخشب بمهارة وبحركة بدائية لتظهر تلك العلاقة الروحية بينه وبين ذلك العمل المتحفي ليبرهن على علاقة الزمان بالمكان والأصالة بالتاريخ. وما يزيد جمال تلك المكملات الخشبية في بناء المنازل القديمة بمنطقة الباحة هو استخدام الأحجار الصلدة الزرقاء والمرمر الأبيض والرمادي الذي يزيد الجمال جمالا ويعطي إحساسا مختلفا بقيمة المكان والخشب المستخدم في ذلك البناء الجمالي هو من أشجار العرعر التي تشتهر بكثرتها في المنطقة وتدهن بعد زخرفتها بمايسمى القطران لتعزل الخشب وتحافظ عليه فترة طويلة. دراسات كثيرة لفن الزخرفة الإسلامية في كافة أنحاء العالم الإسلامي تهدف إلى المحافظة على هذا الإرث الفني التاريخي، وهنا يقع دور كبير لهيئة السياحة ولأمانات المناطق والمحافظات بضرورة إيجاد آلية للمحافظة على هذا الفن الأصيل، إضافة إلى دور هام وملح من جمعيات الثقافة والفنون بإقامة الندوات والورش الفنية للتشكيليين لتوثيق هذا الجمال وعدم إهماله ليبقى إرثا حضاريا وفنيا يتوارثه الأجيال عبر العصور وليوثق حقبا تاريخية مهمة.