في كل مرة تمتنع فيها إيران عن إرسال حجاجها نحصل على موسم حج هادئ وخال من المشكلات، هذه حقيقة برهن عليها واقع التجربة، فالحجاج الإيرانيون لا يأتون لأداء مناسك الحج وحسب، بل أيضا لأداء مناسك سياسية وأيديولوجية منظمة تسبب دائما مضايقة لبقية الحجاج وإرباكا لمنظمي الحج في منطقة محدودة ومكتظة بالملايين من ضيوف الرحمن ! وفي حال إصرار الإيرانيين على الامتناع عن إرسال حجاجهم هذا العام، فإن كثيرين سيحرصون على اغتنام الفرصة لأداء فريضتهم هذا العام لينعموا بأداء مناسك روحانية بعيدا عن ضجيج الأدلجة وصخب السياسة ! لكن رغم ذلك لابد وأن أبدي تعاطفا مع الحاج الإيراني الذي تحرمه حكومة بلاده من تحقيق حلم أداء مناسك الحج، فهذا الحاج الذي هو في الغالب مواطن عادي أو بسيط تغمره رغبة التعبد والتقرب إلى الله بأداء فريضة العمر هو في الحقيقة ضحية لنظام سياسي مؤدلج يصر على أن يجعل من الدين أداة للابتزاز السياسي ووسيلة لتحقيق المكاسب على حساب القيم التعبدية والمعاني الإيمانية ! لقد اختبر النظام الإيراني صلابة الموقف السعودي فيما يتعلق بعدم تسييس مناسك الحج في مناسبات عديدة، وهو يدرك أن الحكومة السعودية لن تقدم أي تنازلات بهذا الشأن، لذلك يبدو الموقف الأخير مجرد ابتزاز سياسي يائس على حساب مناسبة إيمانية تعبدية خالصة، لكن كالعادة وحده الحاج الإيراني سيدفع الثمن !