حصد الشاعر نواف الشلهوب إعجابا كبيرا من الحضور النخبوي الذي استمع له في أمسيته الشعرية الأخيرة التي جرت في الرياض بحضور الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن والشيخ حمود بن عبدالله بن حمد آل خليفة سفير مملكة البحرين في السعودية والشاعر عبدالعزيز البابطين من الكويت وعدد من رجال الإعلام ونجوم الطرب والفن والكتابة. وتفاعل الحضور مع الشاعر الذي امتدت الأمسية معه إلى 90 دقيقة بعد أن كان مقررا لها نصف هذا الوقت أي 45 دقيقة، إلا أن الجمهور كان يقاطع الشاعر في كل مرة ويطلب المزيد من الشعر. وحيا الشاعر في بداية الأمسية حضور الضيف الرئيسي وراعي الأمسية الأمير بدر بن عبدالمحسن واصفا إياه بمهندس الكلمة وكررها ثلاثا، ثم استهل الأمسية بنص أهداه لوالده منصور الشلهوب، وقرأ الشاعر نواف 45 قصيدة معظمها عمودية، فيما جاءت قصائد التفعيلة انحيازا للأمير بدر كما عبر الشاعر، وكان من القصائد التي ألقاها حيث تبرز التفعيلة بين الأقواس: مقصر، يا خرافة، (سور البعد)، حالي، هذا قدرنا، (رجعيني)، الصالة، السواني، (رماد)، هايم أسير، يا شريفة، كيف حالك، كوكب وفا، اللي كان، النافورة، كوكبي، شيخة الكل، شمس، مربرب، مكة، يا جمال، تمادى، أصوم، المرجلة، أزكى غرايش، أملح كائنة، علة، قطن السحايب، نسيتك، منا ومنا، ظامي شعور، شاعر فقير، الحظيظ، لبيك، ارجعيلي، الحلقان، زفة حروف، نور وحنين، كلي فديتك، قرادة، خل الظروف، مسرح أنوثة، والقصيدة الأخيرة «ردني» من ديوانه الثاني الصادر حديثا «حقائق وأوهام» وكانت القصيدة ترحيبا من الشاعر بشهر رمضان. وأثبتت الأمسية الأولى للشاعر الشلهوب أن القصائد التي يكتبها ليست مجرد طرق عنيف، كما يقول الأمير بدر بن عبدالمحسن في مقدمة ديوان «بياض» باكورة الشاعر الشاب، إنما شعر حقيقي، صاف ولماح. شعر يزاوج بين اللوعة وكتابة اللوعة نفسها، كمن يكتب عن صورته في المرآة. الشعر الذي يكابده الشلهوب ويكتبه ويقوله بعد ذلك، منذور للهيام والغزل وأيضا الهزل، شعر يتقلب في صور وفي أحوال، ويكتب نفسه في سفر وفي ظلام، تختلف الأجواء، لكن البياض هو ما يجمع هذا الشعر. تنوعت القصائد التي ألقاها مساء الأحد الماضي من عمودي إلى تفعيلة، وفتح الشاعر في إلقائه الفريد فضاء من الإيحاءات والحدس والانتباهات، إلى ما يعنيه الشعر، من دلالات تلتئم أحيانا بعنوان واحد، وفي أحايين تتشظى في معان تتناقض وتتنافر، فمن بياض القلب، التي تعني البراءة، إلى بياض الكفن، أي الموت، وشتان ما بين المعنيين. لا يميل أحيانا الشاعر إلى السهل في ابتكار صوره وجمله الشعرية، إنما يسعى إلى إضفاء شيء من الإدهاش، الذي يمكن أن يغدو غريبا على الذائقة التقليدية. وكان الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن قد قال: «نواف الشلهوب، شاب يعشق الشعر، ولا يرضى طريقا آخر غير العشق للوصل مع محبوبه، عندما زارني للمرة الأولى لفت نظري توه ملامحه وهو يلقي علي بعض قصائده، كأنه يريد أن يزيدني قناعة بجمال المعشوق، أي الشعر، أكثر من العاشق، الذي هو نواف، وعندما ودعني ترك لي ديوانه الأول «بياض» وذهب لمحبوبه». وأضاف: «أعرف أن من واجبي أن أكتب عن نواف الشلهوب الشاعر لا عن نواف الشلهوب العاشق، ولكن من الصعب علي الفصل بين شعر نواف وعشقه، كيف أستطيع أن أكتب عن الشاعر نواف الشلهوب اليوم دون أن أضع غدا في اعتباري، ومن يحمل كل هذا الحب للشعر يجب أن يكتب عما سيبدعه غدا، وليس عما كتبه بالأمس.