عندما غنى محمد عبده «محبوبتي معزومة من ضمن المعازيم» تغنى بشيء بعيد يراه أمامه دون تملك أو لمس أو قرب.. وعندما تغنى نزار بدمشق كان بعيدا عنها.. هيلين كيلر وصفت البصر عندما ابتعد عنها وحرمت منه.. كما تغنى نيفيز بعشق الهلال بعد أن رحل عنه.. الخسارة أحيانا هي قمة الكسب.. هي الفوز بما كنت تجهل وجوده.. هي أن تحظى بفرصة اكتشاف ماذا يعشق قلبك.. عندما تقترب أكثر من المطلوب لا ترى بوضوح.. تحيط بك الضبابية.. ويحكمك عمى البصيرة.. كلما بدأت بالابتعاد ببطء ترى الأمور على حقيقتها بوضوح أكثر.. ترى صراعاتك الداخلية.. ترى اضطراباتك العاطفية.. ترى تخبطاتك.. سوء اختياراتك.. نظارة الحقيقة نصب أعيننا دوما.. لكننا لا نبحث عن ارتدائها إلا في النادر.. ربما نحب أن نرى جمال أعين الكذب والوهم قبل أن تغطيها الحقيقة.. قد نلمس شوك الصبار ويوخزنا وننزف منه.. لكننا نضع عليه عطرا كي نكويه ونزكي رائحته ونبلع حسرة الجرح مع وهم السعادة.. أخطبوط العود عبادي الجوهر قال: الجرح ارحم من فراقك دقيقة ولو ترحلي أعيش من غير ما ادري ونحن بعد جروحنا قلنا: البعد ارحم من جروح قادمة!! غادة السمان قالت: إننا دائما عميان حين يتعلق الأمر بما هو في متناول أيدينا ونفتش عنه دائما في البعيد.. ونخسر مرتين!! أميرة العباس