تحن الذاكرة الفنية إلى حقبة بدايات الغناء السعودي بكل ما فيها من إرث فني فاضت على جوانحه أصالة الشجن وترف الذائقة، وإلى مسرح التلفزيون السعودي والصوالين الفنية الكبيرة لفرسان ترجلوا عن صهوة الحياة، بعد أن ركزوا أوتاد الشجن في قلوب أجيال مازالت وستظل تتشرب زلال فنهم زمنا طويلا، فبرغم 3 عقود مضت على توقف مسرح التلفزيون إلا أن الحنين إليه لم ينقطع، خصوصا بعد أن أفل نجمه ونجم كثير من المجالس الفنية، ولم يعد منها سوى قلة نادرة وبعض أطلال يُتغنى بها إلى اليوم، إلا أن ثمة عشاقا للمغنى الأصيل مازالوا على عهد الوفاق به ويعضون بنواجذهم عليه، ومنهم القائمون على صالون الفن، الذي بقي وحيدا متقدا بروائع أصيلة يقدمها من حين إلى آخر عمالقة الغناء السعودي والعربي وموسيقيوه، ونُقلت عبر السوشيال ميديا بقالب مختلف، على رأسهم المهندس عبدالصمد ساعاتي، الذي يرى أن «صوالين الفن على مختلف مشاربها كانت أحد أهم الروافد التي أثرت الساحة الفنية، بإبراز المواهب الغنائية والموسيقية على حد سواء، ومثلت مدارس عريقة في قيمتها الفنية وتنوع ألوان الغناء فيها، لأنها صوالين حرة الطرح، يرتادها أساتذة الفن وكبار الموسيقيين كما يرتادها النشء الجديد الصاعد، لذا هي تمثل قيمة فنية هائلة في تعليم وتداول مختلف ألوان الغناء بين أجيال الفنانين، لا سيما في ظل غياب المعاهد الأكاديمية، فهي تتيح طرح مختلف الإبداعات والألوان الموسيقية، وتثري المجتمع دوما، لذا نجدها تمثل في الوقت الراهن ضمير الفن، إن جاز التعبير، لأنها تتبنى مختلف أنواع الغناء والموسيقى المحلية دون تحيز، وبرغم ذلك تظل هذه الصوالين غير معروفة في الغالب، لأنها مجهود فردي لا يحظى بأي دعم أو توثيق إعلامي ممنهج يجعل ما يطرح فيها متاحا بشكل أكبر، وقليل من هذه الصوالين بات، بفضل المثابرة الذاتية والمساعدة من الأصدقاء، يستغل مواقع التواصل الاجتماعي لينشر للناس ما يقدم في هذه الصوالين من أعمال ذات قيمة فنية نادرة، من أهمها استرجاع وإعادة تسجيل الأغاني وألوان الموسيقى التي بالكاد يتذكرها الناس الآن. وحول قناة «صالون الفن» على اليوتيوب، يقول محمود الغامدي المسؤول عن إعداد المحتوى «هي توثيق لنشر هذا الطرب المحافظ الأصيل للجمهور المتعطش لما يدور في الصوالين الفنية الأصيلة مثل مجلس ساعاتي ومجلس عبدالرحمن الجيلاني، المعروف ب «الوجيه»، لما فيهما من قيمة فنية عالية. وعن أعضاء الصالون والمشاركين فيه، قال: على سبيل التعداد لا الحصر «الملحن طلال باغر، الشاعر سعود سالم، المهندس عبدالصمد ساعاتي، والوجيه عبدالرحمن الجيلاني وعيسى الجهني والفنان أسامة عبدالرحيم وسمية بعلبكي ومدني عبادي وعبدالرحمن باحمدين ومحمد أمين وعبدالله حلمي وسراج عتيق، والإيقاعيون عمر شلاح وعبدالله الجيلاني وعادل النور ومهندس الصوت عبدالله الشهري».